Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 63, Ayat: 7-7)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قال : { هُمُ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ } يعني عبدالله بن أبي { لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ } وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع غانماً من غزاة بنى لحيان ، وهم حى من هذيل ، هاجت ريح شديدة ليلاً ، وضلت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أصبحوا ، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : ما هذه الريح ؟ قال : " موت رجل من رءوس المنافقين توفى بالمدينة " ، قالوا : من هو ؟ قال : " رفاعة بن التابوه " ، فقال رجل منافق : كيف يزعم محمد أنه يعلم الغيب ، ولا يعلم مكان ناقته أفلا يخبره الذي يأتيه بالغيب بمكان ناقته ؟ فقال له رجل : اسكت ، فوالله لو أن محمداً يعلم بهذا الزعم لأنزل عليه فينا ، ثم قام المنافق ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فوجده يحدث أصحابه أن رجلاً من المنافقين شمت بى ، بأن ضالت ناقتي ، قال : كيف يزعم محمد أنه يعلم الغيب ، أفلا يخبره الذي يأتيه بالغيب بمكان ناقته ؟ " لعمرى ، لقد كذب ، ما أزعم أني أعلم الغيب ، ولا أعلمه ، ولكن الله تعالى أخبرنى بقوله ، وبمكان ناقتي ، وهي في الشعب ، وقد تعلق زمامها بشجرة " . فخرجوا من عنده يسعون قبل الشعب ، فإذا هي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فجاءوا بها ، والمنافق ينظر ، فصدق مكانه ، ثم رجع إلى أصحابه ، فقال : أذكركم الله ، هل قام أحد منكم من مجلسه ؟ أو ذكر حديثى هذا إلى أحد ؟ قالوا : لا ، قال : أشهد أن محمداً رسول الله ، والله لكأني لم أسلم إلا يومي هذا ، قالوا : وما ذاك ؟ قال : وجدت النبي صلى الله عليه وسلم يحدث الناس بحديثي الذي ذكرت لكم ، وأنا أشهد أن الله أطلعه ، وأنه لصادق ، فسار حتى دنا من المدينة فتحاور رجلان أحدهم عامرى ، والآخر جهنى ، فأعان عبدالله بن أبي المنافق الجهني ، وأعان جعال بن عبدالله بن سعيد العامرى ، وكان جعال فقيراً ، فقال عبدالله لجعال : وإنك لهناك ، فقال : وما يمنعني أن أفعل ذلك فاشتد لسان جعال على عبدالله ، فقال عبدالله : مثلي ومثلك كما قال الأول ممن كلبك يأكلك ، والذى يحلف به عبدالله لأذرنك ، ولهمك غير هذا . قال جعال : ليس بيدك ، وإنما الرزق بيد الله تعالى ، فرجع عبدالله غضبان ؟ فقال لأصحابه : والله ، ولو كنتم تمنعون جعالاً ، وأصحاب جعال الطعام الذي من أجله ركبوا رقابكم لأوشكوا أن يذروا محمداً صلى الله عليه وسلم ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم ، لا تنفقوا عليهم { حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ } يعني حتى يتفرقوا من حول محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : لو أن جعالاً أتى محمداً فأخبره لصدقه ، وزعم أني ظالم ، ولعمري ، إني ظالم إذ جئنا بمحمد من مكة ، وقد طرده قومه فواسيناه بأنفسنا ، وجعلناه على رقابنا ، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ، ولنجلعن علينا رجلاً منا ، يعني نفسه ، يعني بالأعز نفسه وأصحابه ، ويعنى بالأذل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فقام زيد بن أرقم الأنصارى ، وهو غلام شاب : أنت والله الذليل القصير المبغض في قومك ، ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ، ومودة من المسلمين ، والله لا أحبك بعد هذا الكلام أبداً . فقال عبدالله : إنما كنت ألعب معك ، فقام زيد فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فشق عليه قول عبدالله بن أبى ، وفشا في الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب على عبدالله لخبر زيد ، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبدالله ، فاتاه ومعه رجال من الأنصار يرفدونه ويكذبون عنه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني عنك " ، قال عبدالله : والذى أنزل عليك الكتاب ما قلت شيئاً من ذلك قط ، وإن زيداً لكاذب وما عملت عملاً قط أرجى في نفسي أن يدخلني الله به الجنة من غزاتي هذه معك ، وصدقه الأنصار ، وقالوا : يا رسول الله ، شيخنا وسيدنا لا يصدق عليه قول غلام من غلمان الأنصار مشى بكذب ونميمة فعذره النبي صلى الله عليه وسلم ، وفشت الملامة لزيد في الأنصار ، وقالوا : كذب زيد ، وكذبه النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان زيد يساير النبي صلى الله عليه وسلم في المسير قبل ذلك ، فاستحى بعد ذلك أن يدنو من النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى تصديق زيد ، وتكذيب عبدالله : فقال : { هُمُ } يعني عبدالله { ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ لاَ تُنفِقُواْ عَلَىٰ مَنْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ حَتَّىٰ يَنفَضُّواْ وَلِلَّهِ خَزَآئِنُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } يعني مفاتيح الرزق والمطر والنبات { وَلَـٰكِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ لاَ يَفْقَهُونَ } [ آية : 7 ] الخير .