Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 142-147)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلاَثِينَ لَيْلَةً } من ذي القعدة ، واعدناه الجبل ، { وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ } من ذي الحجة ، { فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ } ، يعني ربه ، { أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } ، وكان موسى ومن معه قد قطعوا البحر في عشر من المحرم يوم عاشوراء ، ثم أعطى التوراة يوم النحر بينهما أحد عشر نهراً ، { وَقَالَ مُوسَىٰ لأَخِيهِ هَارُونَ ٱخْلُفْنِي فِي قَوْمِي } ، بني إسرائيل بخير حين خرج إلى الجبل ، { وَأَصْلِحْ } ، يعني وأرفق بهم ، نظيرها في القصص : { وَمَآ أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ } [ القصص : 27 ] ، يعني الرافقين بك ، { وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ آية : 142 ] منهم . { وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ } الجبل { لِمِيقَاتِنَا } ، يعني لميعادنا لتمام الأربعين يوماً ، { وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } ، فلما سمع كلام ربه ، استحلاه واشتاق إلى رؤية ربه ، { قَالَ } : يا { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } له ربه : إنك { قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـٰكِنِ } ، اجعل بيني وبينك علماً هو أقوى منك ، يعني الجبل ، { انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي } ، وإن لم يستقر الجبل مكانه ، فإنك لن تطيق رؤيتي ، { فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً } ، يعني قطعاً ، فصار الجبل دكاً ، يعني قطعاً على ستة فرق ، فوق ثلاثة بأجبل مكة : بثير ، وغار ثور ، وحزن ، ووقع بالمدينة : رضوى ، وورقان ، وجبل أُحُد ، فذلك قوله : { جَعَلَهُ دَكّاً } ، { وَخَرَّ موسَىٰ صَعِقاً } ، يعني ميتاً ، { فَلَمَّآ أَفَاقَ } ، يعني رد عليه نفسه ، { قَالَ } موسى : { سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ } من قولي : { رَبِّ أَرِنِيۤ أَنظُرْ إِلَيْكَ } { وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ آية : 143 ] ، يعني أول المصدقين بأنك لن تُرى في الدنيا . { قَالَ } له ربه : { يٰمُوسَىٰ إِنِّي ٱصْطَفَيْتُكَ عَلَى ٱلنَّاسِ بِرِسَالاَتِي وَبِكَلاَمِي } ، يقول : اخترتك من بني إسرائيل بالرسالة وبالكلام من غير وحى ، { فَخُذْ مَآ آتَيْتُكَ } بقوة ، يقول : ما أعطيتك من التوراة بالجد ، والمواظبة عليه ، { وَكُنْ مِّنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [ آية : 144 ] لله في هذه النعم ، يعني الرسالة ، والكلام من غير وحى . { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي ٱلأَلْوَاحِ } نقراً كنقش الخاتم ، وهى تسعة ألواح ، { مِن كُلِّ شَيْءٍ } ، فقال : { مَّوْعِظَةً } من الجهل ، { وَتَفْصِيلاً } ، يعني بياناً { لِّكُلِّ شَيْءٍ } من الأمر ، والنهى ، والحد ، وكتبه الله عز وجل بيده ، فكتب فيها : إني أنا الله الذي لا إله إلا أنا الرحمن الرحيم ، لا تشركوا بى شيئاً ، ولا تقتلوا النفس ، ولا تزنوا ، ولا تقطعوا السبيل ، ولا تسبوا الوالدين ، ووعظهم في ذلك ، والألواح من زمرد وياقوت ، يقول : { فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ } ، يعني التوراة بالجد والمواظبة عليه ، { وَأْمُرْ قَوْمَكَ } بني إسرائيل ، { يَأْخُذُواْ بِأَحْسَنِهَا } ، يعني بأحسن ما فيها ، ثم قال قبل ذلك لبنى إسرائيل : { سَأُوْرِيكُمْ دَارَ ٱلْفَاسِقِينَ } [ آية : 145 ] سنة أهل مصر ، فزعم ابن عباس ، أن الله حين أغرق فرعون وقومه ، أوحى إلى البحر أن يقذف أجسادهم على الساحل ، ففعل البحر ذلك ، فنظر إليهم بنو إسرائيل ، فأراهم سنة الفاسقين . ثم قال : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي ٱلَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } ، يعني يعملون فيها بالمعاصى الكبرياء والعظمة ، يعني أهل مصر ، يقول : سأصرف عن التفكير في خلق السموات والأرض وما بينهما من الآيات الشمس ، والقمر ، والنجوم ، والسحاب ، والرياح ، والجبال ، والفلك ، والبحور ، والشجر ، والثمار ، والنبات ، عام بعام ، يعني المتكبرين ، فلا يتفكرون فتكون لهم عبرة ، يعني لأهل مصر ، ثم قال يعنيهم : { وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ } ، يعني يروا مرة اليد ومرة العصا ، ثم يرون الطوفان ، ثم الجراد ، ثم القمل ، ثم الضفادع ، ثم الدم ، ثم السنين ، ثم الطمس . فرأوا كل آية على حدة ، فلم يؤمنوا ، { لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا } ، يعني لا يصدقون بأنها من الله ، { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلرُّشْدِ } ، يعني طريق الهدى ، { لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } ، يعني لا يتخذوه ديناً فيتبعونه ، { وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ ٱلْغَيِّ } ، يعني طريق الضلالة ، { يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً } ، يقول : اتخذه ديناً فيتبعونه ، { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعني بالآيات التسع ، { وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ } [ آية : 146 ] ، يعني معرضين ، ولم يتفكروا فيها . { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } ، يعني القرآن ، { وَلِقَآءِ ٱلآُخِرَةِ } ، وكذبوا بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال ، { حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } التي أرادوا بها وجه الله ؛ لأنها كانت في غير إيمان ، { هَلْ يُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ آية : 147 ] .