Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 57-64)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرىً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } ، يقول : الرياح نشراً للسحاب ، كقوله : { يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً } [ الروم : 48 ] ، يسير السحاب قدام الرياح ، { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ } ، يعنى إذا حملت الريح { سَحَاباً ثِقَالاً } من الماء ، { سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } ، ليس فيه نبات ، { فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ } بالماء من الأرض ، { مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ } ، يعنى هكذا ، { نُخْرِجُ } ، يخرج الله { ٱلْموْتَىٰ } من الأرض بالماء ، كما أخرج النبات من الأرض بالماء ، { لَعَلَّكُمْ } ، يعنى لكى { تَذَكَّرُونَ } [ آية : 57 ] فتعتبروا فى البعث أنه كائن ، نظيرها فى الروم والملائكة . ثم ضرب مثلاُ للمؤمنين والكفار ، فقال : { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ } ، يعنى الأرض العذبة إذا مطرت ، { يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } ، فينتفع به كما ينفع المطر البلد الطيب فينبت ، ثم ذكر الكافر ، فقال : { وَٱلَّذِي خَبُثَ } من البلد ، يعنى من الأرض السبخة أصابها المطر ، فلم ينبت ، { لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً } ، يعنى إلا عسراً رقيقاً يبس مكانه ، فلم ينتفع به ، فهكذا الكافر يسمع الإيمان ولا ينطق به ولا ينفعه ، كما لا ينفع هذا النبات الذى يخرج رقيقاً فييبس مكانه ، { كَذٰلِكَ } ، يعنى هكذا { نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ } فى أمور شتى لما ذكره فى هاتين الآيتين ، { لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } [ آية : 58 ] ، يعنى يوحدون ربهم . { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، يعنى وحدوا الله ، { مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } ، يقول : ليس لكم رب غيره ، فإن لم تعبدوه ، { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ } فى الدنيا { عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } [ آية : 59 ] لشدته . { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ } ، وهم القادة والكبراء لنوح : { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } [ آية : 60 ] . { قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ آية : 61 ] إليكم . { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي } فى نزول العذاب بكم فى الدنيا ، { وَأَنصَحُ لَكُمْ } فيها وأحذركم من عذابه فى الدنيا ، { وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ } فى نزول العذاب بكم ، { مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ آية : 62 ] أنتم . وذلك أن قوم نوح لم يسمعوا بقوم قط عذبوا ، وقد سمعت الأمم بعدهم بنزول العذاب على قوم نوح ، ألا ترى أن هوداً قال لقومه : { وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } [ الأعراف : 69 ] ، وقال صالح لقومه : { وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ } هلاك { عَادٍ } [ الأعراف : 74 ] ، وحذر شعيب قومه ، فقال : { أَن يُصِيبَكُم } من العذاب { مِّثْلُ مَآ أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ } [ هود : 89 ] ، فمن ثم قال نوح لقومه : أعلم ما لا تعلمون . فقال بعضهم لبعض : الكبراء للضعفاء : ما هذا إلا بشر مثلكم ، أفتتبعونه ؟ فرد عليهم نوح : { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ } ، يعنى بيان من ربكم ، { عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ } ، يعنى نفسه ، { لِيُنذِرَكُمْ } العذاب فى الدنيا ، { وَلِتَتَّقُواْ } الشرك وتوحدوا ربكم ، { وَلَعَلَّكُمْ } ، يعنى لكى { تُرْحَمُونَ } [ آية : 63 ] ، فلا تعذبوا . { فَكَذَّبُوهُ } فى العذاب أنه ليس بنازل بنا ، يقول الله : { فَأَنجَيْنَاهُ } ، يعنى نوحاً ، { وَٱلَّذِينَ مَعَهُ } من المؤمنين ، { فِي ٱلْفُلْكِ } ، يعنى السفينة من الغرق برحمة منا ، { وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } ، يعنى نزول العذاب ، { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } [ آية : 64 ] ، عموا عن نزول العذاب بهم ، وهو الغرق .