Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 81, Ayat: 15-29)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم أقسم الرب تعالى ، فقال : { فَلاَ أُقْسِمُ } يعني أقسم { بِٱلْخُنَّسِ } [ آية : 15 ] وهي خمس من الكواكب ، بهرام ، والزهرة ، وزحل ، والبرجهس ، يعني المشترى ، وعطارد والخنس التي خنست بالنهار فلا ترى ، وظهرت بالليل فترى ، قال : { ٱلْجَوَارِ ٱلْكُنَّسِ } [ آية : 16 ] لأنهن يجرين في السماء الكنس ، يعني تتوارى كما تتوارى الظباء في كناسهن { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } [ آية : 17 ] يعني إذا أظلم { وَٱلصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ } [ آية : 18 ] يعني إذا أضاء لونه فأقسم الله تعالى بهؤلاء الآيات أن هذا القرآن { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } [ آية : 19 ] على الله ، يعني جبريل ، عليه السلام ، هو علم محمداً صلى الله عليه وسلم { ذِي قُوَّةٍ } يعني ذا بطش ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعث ، قال إبليس : من لهذا النبي الذي خرج من أرض تهامة ؟ فقال شيطان ، واسمه الأبيض ، هو صاحب الأنبياء : أنا له ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجده في بيت الصفا ، فلما انصرف قام الأبيض في صورة جبريل صلى الله عليه وسلم ليوحى إليه ، فنزل جبريل ، عليه السلام ، فقام بينه وبين النبي صلى الله عليه سلم فدفعه جبريل صلى الله عليه وسلم بيده دفعة هينة فوقع من مكة بأقصى الهند من فرقه . { عِندَ ذِي ٱلْعَرْشِ مَكِينٍ } [ آية : 20 ] جبريل ، عليه السلام ، يقول : وهو وجيه عند الله عز وجل . ثم قال : { مُّطَاعٍ ثَمَّ } يعني هنالك في السماوات ، كقوله : { وَأَزْلَفْنَا } يعني قربنا { ثَمَّ } يعني هنالك ، وكقوله : { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ } [ الإنسان : 20 ] يعني هنالك ، وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة عرج به إلى السماوات رأى إبراهيم صلى الله عليه وسلم وموسى عليه السلام ، فصافحوه وأداره جبريل على الملائكة في السماوات فاستبشروا به ، وصافحوه ، ورأى مالكاً خازن النار ، فلم يكلمه ولم يسلم عليه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ، عليه السلام : " من هذا " ؟ قال : هذا مالك خازن جهنم لم يتلكم قط ، وهؤلاء النفر معه ، فخزنة جهنم نزعت منهم الرأفة والرحمة ، وألقى عليهم العبوس ، والغضب على أهل جهنم ، أما إنهم لو كلموا أحداً منذ خلقوا لكلموك لكرامتك على الله عز وجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قل له ، فليكشف عن باب منها " ، فكشف عن مثل منخر الثور منها ، فتخلخلت فجاءت بأمر عظيم ، حسبت أنها الساعة حتى أهيل منها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لجبريل : " مره فليردها " ، فأمره جبريل ، صلى الله عليه ، فأطاعه مالك ، عليه السلام ، فردها " ، فذلك قوله : { مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } [ آية : 21 ] يسمى أميناً لما استودعه عز وجل من أمره في خلقه . { وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ } [ آية : 22 ] يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، وذلك أن كفار مكة قالوا : إن محمداً مجنون ، وإنما تقوله من تلقاء نفسه ، { وَلَقَدْ رَآهُ بِٱلأُفُقِ ٱلْمُبِينِ } [ آية : 23 ] يعني من قبل المطلع ، وذلك " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل ، عليه السلام ، في صورته من قبل المشرق بجبال مكة ، قد ملأ الأفق رجلاه في الأرض ، ورأسه في السماء ، وجناح له من قبل المشرق ، وجناح له من قبل المغرب ، في صورة البشر ، فقال : أنا جبريل ، وجعل يمسح عن وجهه ، ويقول : أنا أخوك أنا جبريل ، حتى أفاق ، فقال المؤمنون : ما رأيناك منذ بعثت أحسن منك اليوم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتاني جبريل ، عليه السلام ، في صورته ، فعلقني هذا من حسنه " . { وَمَا هُوَ عَلَى ٱلْغَيْبِ بِضَنِينٍ } [ آية : 24 ] بظنين ، يعني وما محمد صلى الله عليه وسلم على القرآن بمتهم ، ومن قرأ بضنين يعني ببخيل ، { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ } [ آية : 25 ] يعني ملعون ، وذلك أن كفار مكة ، قالوا : إنما يجىء به الرى ، وهو الشيطان ، واسمه الرى فيلقيه على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فيها تقديم ، يقول لكفار مكة : { فَأيْنَ تَذْهَبُونَ } [ آية : 26 ] يعني أين تعجلون عن كتابي وأمري لقولهم إن محمداً مجنون { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } [ آية : 27 ] يعني ما في القرآن إلا تذكرة وتفكر للعالمين { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ } يا أهل مكة { أَن يَسْتَقِيمَ } [ آية : 28 ] على الحق ، ثم يرد المشيئة إلى نفسه ، فقال : { وَمَا تَشَآءُونَ } الاستقامة { إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } [ آية : 29 ] . قوله : { وَٱللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ } أظلم عن كل دابة ، الخنافس ، والحيات ، والعقارب ، والسباع ، والوحوش .