Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 86, Ayat: 1-17)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلسَّمَآءِ وَٱلطَّارِقِ وَمَآ أَدْرَاكَ } يا محمد { مَا ٱلطَّارِقُ } [ آية : 2 ] فسرها له ؟ فقال : { ٱلنَّجْمُ ٱلثَّاقِبُ } [ آية : 3 ] يعني المضىء إن { إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ } [ آية : 4 ] وذلك أن الله عز وجل خلق النجوم ثلاثة نجوم يهتدى بها ، ونجوم رجوم للشياطين ، ونجوم مصابيح الأرض ، فأقسم الله عز وجل بها ، فقال : إن كل نفس ما من نفس لما عليها حافظ من الملائكة يكتبون حسناته وسيئاته قال : فإن لا يصدق هذا الإنسان بالبعث { فَلْيَنظُرِ ٱلإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ } [ آية : 5 ] قال : { خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ } [ آية : 6 ] ثم فسر الماء الدافق ، فقال : خلق من ماء الرجل ، والمرأة والتصق بعضه على بعض فخلق منه { يَخْرُجُ } ذلك الماء { مِن بَيْنِ ٱلصُّلْبِ وَٱلتَّرَآئِبِ } [ آية : 7 ] يقول : من بين صلب الرجل وترائب المرأة ، والترائب موضع القلادة ، فأما ماء الرجل ، فإنه أبيض غليظ منه العصب والعظم ، وأما ماء المرأة ، فإنه أصفر رقيق منه اللحم والدم والشعر { إِنَّهُ } الرب تبارك وتعالى الذي خلقه من ماء دافق . { عَلَىٰ رَجْعِهِ لَقَادِرٌ } [ آية : 8 ] قادر على أن يبعثه يوم القيامة { يَوْمَ تُبْلَىٰ ٱلسَّرَآئِرُ } [ آية : 9 ] يوم تختبر السرائر كل سريرة من الذنوب عملها ابن آدم ، { فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ } يمتنع من الله بقوته { وَلاَ } له { نَاصِرٍ } [ آية : 10 ] ينصره من الله تعالى ، ثم أقسم الله تعالى ، فقال : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ } [ آية : 11 ] ذات المطر { وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ } [ آية : 12 ] بالنبات { إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ } [ آية : 13 ] يقول : إن الذي وصفته في هذه السورة لقول فصل ، يقول لهو قول الحق . ثم قال : { وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ } [ آية : 14 ] يقول : وما هو باللعب ، ثم انقطع الكلام ، وأما قوله : { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } [ آية : 17 ] فإنهم لما رأوا النبى صلى الله عليه وسلم قد أظهر الإيمان ، وآمن عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه ، فلما آمن عمر ، قال بعضهم لبعض : ما ترى أمر محمد إلا يزداد يوماً بيوم ، ونحن في نقصان لاشك ، لأنه والله يفوق جمعنا وجماعتنا ، ويكثر ونقل ، ولا شك إلا أنه سيغلبنا ، فيخرجنا من أرضنا ، ولكن قوموا بنا حتى نستشير في أمرهن فدخلوا دار الندوة منهم عتبة بن ربيعة ، وأبو جهل بن هشام ، والوليد بن المغيرة ، وأبو البحترى بن هشام ، وعمرو بن عمير بن مسعود الثقفي ، فلما دخلوا دخل معهم إبليس في صورة رجل شيخ ، فنظروا إليه ، فقالوا : يا شيخ من أدخلك علينا ؟ ومن أنت ؟ قد علمت أنا قد دخلنا هاهنا في أمر ما نريد أن لا يعلم به أحد ، قال إبليس : إني والله ، لست من أرض تهامة ، وإني رجل من الأزد ، ويقال : من نجد ، قدمت اليمن وأنا أريد العراق ، في طلب حاجة ، ولكني رأيتكم حسنة وجوهكم ، طيبة رائحتكم ، فأحببت أن أستريح وأسمع من أحاديثكم ، فقال بعضهم لبعض : لا بأس علينا منه ، وإنه والله ليس من أرض تهامة ، قالوا : يا شيخ أغلق الباب واجلس . فقال أبو جهل بن هشام : ما تقولون في هذا الرجل الذي قد خالف ديننا وسب آلهتنا ، ويدعو إلى غير ديننا وليس يزداد أمره إلا كثرة ، ونحن في قلة وينبغي لنا أن نحتال ؟ ثم قال : يا عمر ابن عمير ما تقول فيه ؟ قال عمرو : رأيي فيه أن نردفه على بعير وناقة ، فنخرجه من الحرم ، فيكون شره على غيرنا . قال إبليس : عند ذلك بئس الرأي رأيت يا شيخ ، تعمد إلى رجل قد ارتكب منكم ما قد ارتكب ، وهو أمر عظيم ، فنظر دونه فلا شك أنه يذهب فيجمع جموعاً ، فيخرجكم من أرضكم . قالوا : ما تقول يا أبا البحترى ؟ قال : أما والله ، إن رأيي فيه ثابت ، قالوا : ما هو ؟ قال : ندخله في بيت فنسد بابه عليه ، ونترك له ثلمة قدر ما يتناول منه طعامه وشرابه ونتربص به إلى أن يموت . قال إبليس عند ذلك : بئس والله ، الرأى رأيت يا شيخ تعمدون إلى رجل هو عدو لكم فتربونه ، فلا شك أن يغضب له قومه فيقاتلونكم حتى يخرجوه من أيديكم فما لكم وللشر ؟ قالوا : صدق والله فما تقول : يا أبا جهل ؟ قال : تعمدون إلى كل بطن من قريش فنختار منهم رجالاً فنمكنها من السيوف ويمشون كلهم بجماعتهم فيضربونه ، حتى يقتلوه فلا يستطيع بنو هاشم أن تعادى قريشاً كلهم ، وتؤدون ديته . قال : إبليس : صدق والله ، الشاب فخرجوا على ذلك القول راضين بقتله ، وسمع عمه أبو طالب ، واسمه عبد العزى بن عبدالمطلب ، فلم يخبر محمداً لعله أن يجزع من القتل ، فيهرب فيكون مسبة عليهم ، فأنزل الله عز وجل { أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } [ الزخرف : 79 ] ، يقول : أم أجمعوا أمراً على قتل محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنا مجمعون أمراً على قتلهم ببدر ، وقال : { أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ هُمُ ٱلْمَكِيدُونَ } [ الطور : 42 ] ، وقال : { إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً وَأَكِيدُ كَيْداً فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً } . قال : فسمع أبو طالب ما سمع ، قال : يا ابن أخي ما هذه الهينمة ؟ قال : أما تعلم يا عم ما أرادت قريش ؟ قال : سمعت ما سمعته يا ابن أخي ، قال : نعم ، قال : ومن أخبرك بذلك ؟ قال : ربي ، قال : أما والله ، يا ابن أخي إن ربط بك لحفيظ فامض لما أمرت يا ابن أخي ، فليس عليك غضاضة .