Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 92, Ayat: 1-21)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } [ آية : 1 ] { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } [ آية : 2 ] أقسم الله عز وجل بالليل إذا غشى ظلمته ضوء النهار ، والنهار إذا تجلى عن ظلمة الليل ، فقال : { إِنَّ سَعْيَكُمْ } إن أعمالكم { لَشَتَّىٰ } [ الليل : 4 ] يا أهل مكة . قوله : { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [ آية : 3 ] يعني أدم وحواء وما هاهنا صلة ، فأقسم الله عز وجل بنفسه ، وبهؤلاء الآيات ، فقال : والذي خلق الذكر والأنثى ، نظيرها في { وَٱلشَّمْسِ وَضُحَاهَا } [ الشمس : 1 ] . { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } [ آية : 4 ] يا أهل مكة ، يقول : أعمالكم مختلفة في الخير والشر ، ثم قال : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } المال في حق الله عز وجل { وَٱتَّقَىٰ } [ آية : 5 ] ونزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق ، رحمة الله عليه ، وذلك أنه مر على أبي سفيان ، وهو صخر بن حرب ، وإذا هو يعذب بلالاً على إسلامه ، وقد وضع حجراً على صدره ، فهو يعذبه عذاباً شديداً ، فقال له أبو بكر الصديق ، رحمة الله عليه : أتعذب عبداً على معرفة ربه ؟ قال أبو سفيان : أما والله ، إنه لم يفسد هذا العبد الأسود غيركم ، أنت وصاحبك ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال له أبو بكر ، رضي الله عنه : هل لك أن أشتريه منك ؟ قال : نعم . قال أبو بكر : والله ما أجد لهذا العبد ثمناً ، قال له صخر بن حرب : والله إن جبلاً من شعر أحب إلىّ منه ، فقال له الصديق أبو بكر : والله إنه خير من ملء الأرض ذهباً ، قال له أبو سفيان : اشتره منى ، قال له أبو بكر : قد اشتريت هذا العبد الذي على دينى بعبد مثله على دينك ، فرضي أبو سفيان ، فاشترى أبو بكر بلالاً ، رضي الله عنه ، فأعتقه . قال أبو سفيان لأبي بكر ، رضي الله عنه : أفسدت مالك ومال أبي قحافة ، قال : أرجو بذلك المغفرة من ربي ، قال : متى ؟ قال أبو بكر ، رضي الله عنه : يوم تدخل سقر تعذب ، قال : أليس تعدني هذا بعد الموت ؟ قال : نعم ، قال : فضحك الكافر واستلقى ، وقال : يا عتيق أتعدني البعث بعد الموت ؟ وتأمرني أن أرفض مالي إلى ذلك اليوم ؟ لقد خسرت واللات والعزى إن مالك قد ضاع ، وإنك لا تصيب مثله أبداً ، قال أبو بكر ، رضي الله عنه : والله ، لأذكرنك هذا اليوم يا أبا سفيان ، فأنزل الله عز وجل : { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَٱتَّقَىٰ وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } [ آية : 6 ] يقول بعدة الله عز وجل أن يخلفه في الآخرة خيراً ، إذا أعطى في حق الله عز وجل . { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ } [ آية : 7 ] يعني نيسره للعودة إلى أن يعطى فسنيسره للخير { وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَٱسْتَغْنَىٰ } [ آية : 8 ] عن الله تعالى في نفسه { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } [ آية : 9 ] يعني بعدة الله بأن يخلفه خيراً منه { فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَىٰ } [ آية : 10 ] يقول : نعسر عليه أن يعطى خيراً { وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ } الذي بخل به في الدنيا { إِذَا تَرَدَّىٰ } [ آية : 11 ] يعني إذا مات ، وتردى في النار ، يعني أبا سفيان ، يقول الله تعالى { إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ } [ آية : 12 ] يعني بيان الهدى { وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَٱلأُولَىٰ } [ آية : 13 ] يعني الدنيا والآخرة { فَأَنذَرْتُكُمْ } يا أهل مكة { نَاراً تَلَظَّىٰ } [ آية : 14 ] يعني تتوقد وتشتعل { لاَ يَصْلاَهَآ } يعني النار { إِلاَّ ٱلأَشْقَى } [ آية : 15 ] يعني هؤلاء النفر من أهل مكة . { ٱلَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ } [ آية : 16 ] الذين كذبوا بالقرآن وتولى يعني أعرض عن الإيمان { وَسَيُجَنَّبُهَا } يعني النار ، يقول : يجنب الله النار { ٱلأَتْقَى } [ آية : 17 ] يعني أبا بكر الصديق { ٱلَّذِى يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّىٰ } [ آية : 18 ] يعني يتصلح { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } [ آية : 19 ] وأيضاً ، وذلك أن أبا بكر ، رضي الله عنه ، وأرضاه مر على بلال المؤذن ، وسيده أمية بن خلف الجمحي يعذبه على الإسلام ، ويقول : لا أدعك حتى تترك دين محمد ، فيقول بلال : أحد أحد . فقال أبو بكر ، رحمة الله عليه : أتعذب عبدالله على الإيمان بالله عز وجل ؟ فقال سيده أمية : أما إنه لم يفسده عليّ إلا أنت وصاحبك ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، فاشتره مني ، قال : نعم ، قال سيده أمية : بماذا ؟ قال أبو بكر : بعبد مثله على دينك ، فرضى ، فعمد أبو بكر ، رضي الله عنه ، إلى عبد فاشتراه ، وقيض أبو بكر بلالاً ، رحمة الله عليه ، وأعتقه ، فقال أمية لأبي بكر ، رضي الله عنه : لو أبيت إلا أن تشتريه بأوقية من ذهب لأعطيتكها ، قال أبو بكر ، رضي الله عنه : وأنت لو أبيت إلا أربعين أوقية من ذهب لأعطيتكها . فكره أبو قحافة عتقه ، فقال لأبي بكر : أما عملت أن مولى القوم من أنفسهم ، فإذا أعتقت فاعتق من له منظر وقوة ، وكان بلال أسود الوجه ، فأنزل الله عز وجل في أبي بكر ، رضي الله عنه : { وَمَا لأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَىٰ } يقول : يجزيه بذلك ، ولكن إنما يعطى ماله { إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ وَجْهِ رَبِّهِ ٱلأَعْلَىٰ } [ آية : 20 ] الرفيع فوق خلقه { وَلَسَوْفَ يَرْضَىٰ } [ آية : 21 ] هذا العبد يعني أبا بكر ، رضي الله عنه ، وأن أبا بكر ، رضي الله عنه ، اشترى تسعة نفر يعذبون على الإسلام ، منهم بلال المؤذن ، وعامر بن فهيرة ، وأخته ، وزنيرة ، وابنتها ، وحارثة بن عمر ، وأم كياس ، والنهدية وابنتها ، كانت لامرأة من بني عبد الدار تضربها على الإسلام ، فأعتقهم أبو بكر الصديق ، عليه السلام .