Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 94, Ayat: 1-8)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } [ آية : 1 ] يقول : ألم نوسع لك صدرك بعد ما كان ضيقاً لا يلح فيه الإيمان حتى هداه الله عز وجل ، وذلك قوله : { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } [ الضحى : 7 ] ، وقوله : { مَا كُنتَ تَدْرِي مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ } [ الشورى : 52 ] ، وذلك أن أربع مائة رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحاب الصفة ، كانوا قوماً مسلمين ، فإذا تصدقوا عليهم شيئاً أكلوه وتصدقوا ببعضه على المساكين ، وكانوا يأوون في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن لهم بالمدينة قبيلة ، ولا عشيرة ، ثم إنهم خرجوا محتسبين يجاهدون المشركين ، وهم بنو سليم كان بينهم وبين المسلمين حرب فخرجوا يجاهدونهم ، فقتل منهم سبعون رجلاً ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، وعلى المسلمين ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو عليهم في دبر كل صلاة الغداة يقنت فيها ، ويدعو عليهم أن يهلكهم الله . فقال الله تعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } [ آل عمران : 128 ] ، ثم عظم الرب تعالى نفسه ، فقال : { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ آل عمران : 129 ] في تأخير العذاب عنهم ، لعلم قد سبق فيهم أن يسلموا ، وأنزل الله عز وجل { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } يعني ألم يوسع لك صدرك ، يعني بالإيمان يقول : بالتوحيد حتى تقولها ، قول : لا إله إلا الله . { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } [ آية : 2 ] يقول : وحططنا عن ذنبك ، { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } [ آية : 3 ] يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : كان أثقل ظهرك فوضعناه عنك ، لقوله : { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ الفتح : 1 ، 2 ] يا محمد { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } [ آية : 4 ] في الناس علماً ، كلما ذكر الله تعالى ذكر معه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في خطبة النساء { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } [ آية : 5 ] { إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } [ آية : 6 ] يقول : إن مع الشدة الرخاء . فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك : " لن يغلب ، إن شاء الله ، عسرا واحد يسرين أبداً " ، ثم قال : { فَإِذَا فَرَغْتَ } يا محمد من الصلاة المتكوبة بعد التشهد والقراءة والركوع والسجود ، وأنت جالس قبل أن تسلم { فَٱنصَبْ وَإِلَىٰ رَبِّكَ } بالدعاء { فَٱرْغَبْ } [ آية : 8 ] إليه في المسألة ، فنهاه عن القنوت في صلاة الغداة . حدثنا عبدالله بن ثابت ، حدثنى أبى ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : حدثنا مقاتل ، عن عطاء ابن أبي رباح ، عن عبدالله بن عباس ، قال : فارقنى خليلى على أربع خصال ، كان يؤذن مرتين ، ويقيم مرتين ، ويسلم مرتين ، حتى يستبين بياض خده الأيمن والأيسر ، وكان لا يقنت في صلاة الغداة ، وكان يسفر جداً صلى الله عليه وسلم .