Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 95, Ayat: 1-8)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } [ آية : 1 ] أقسم الله عز وجل بالتين الذي يؤكل ، والزيتون الذي يخرج منه الزيت { وَطُورِ سِينِينَ } [ آية : 2 ] يعني الجبل الحسن وهو بالنبطية ، وهو الجبل الذي كلم الله تعالى عليه موسى ، عليه السلام ، يوم أخذ التوراة ، وكل جبل لا يحمل الثمر يقال له سيناء ، { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } [ آية : 3 ] يعني مكة يأمن فيه كل خائف ، وكل أحد في الجاهلية والإسلام ، ولا تقام فيه الحدود فأقسم الله عز وجل بهؤلاء الآيات الأربع . فقال : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } [ آية : 4 ] يعني يمشي على رجلين وغيره يمشي على أربع ، وأحسن التقويم الشباب ، وحسن الصورة ، { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ } بعد الشباب والصورة الحسنة { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } [ آية : 5 ] يعني من الصورة لأنه يسقط حاجباه ، ويذهب شبابه ، وعقله ، وقوته ، وصوته ، وصورته ، فلا يكون شيئاً أقبح منه ، وما خلق الله شيئاً أحسن من الشباب ، ثم استثنى ، فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [ آية : 6 ] يعني غير منقوص ، لا يمن به عليهم ، يقول : ليس الأجر في الهرم إلا للمؤمنين ، وذلك أن المؤمن إذا كبر ومرض كتب له حسناته في كبره ، وما كان يعمل في شبابه وصحته لا ينقص ، ولا يمن له عليه ، وأما الكافر ، فإنه إذا شاخ وكبر ختم له بالشرك ، ووجبت له النار فيموت والله تبارك وتعالى عليه غضبان ، والملائكة والسماوات والأرض . قوله : { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } [ آية : 7 ] يقول : ما يكذبك ، أيها الإنسان يعني عدي بين ربيعة بالدين ، يعني بالبعث بعد الصورة الحسنة والشباب ، بعد الهرم ، وفيه نزلت هذه الآية ، يقول : يكذبك بالقيامة ، فيقول الله : الذي فعل ذلك به قادر على أن يبعثه فيحاسبه ، ثم قال : { أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَحْكَمِ ٱلْحَاكِمِينَ } [ آية : 8 ] على أن يحكم بينك وبين أهل مكة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، يا أحكم الحاكمين " ، يعني يا أفصل الفاصلين ، يقول : يفصل بينك يا محمد وبين أهل التكذيب ، وكل شىء في القرآن أليس الله يقول : أنا الله . حدثنا عبدالله ، حدثني أبي ، حدثنا الهذيل ، حدثنا مقاتل ، عن أبي عبيدة ، عن أنس بن مالك ، قال : من شاب رأسه في الإسلام ، ولحيته كانت له بكل شعرة حسنة ، وصارت كل شعرة فيه نوراً يوم القيامة . حدثنا عبدالله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن خالد الزيات ، عن من حدثه ، عن أنس بن مالك ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " المولود حتى يبلغ الحنث ، ما عمل من حسنة كتبت لوالديه ، وما عمل من سيئة لم تكتب عليه ، ولا على والديه ، فإذا بلغ الحنث ، وجرى عليه القلم أمر الملكان اللذان معه أن يتحفظا وأن يسددا ، فإذا بلغ أربعين سنة في الإسلام أمنه الله عز وجل من البلايا الثلاث من الجنون والجذام والبرص ، فإذا بلغ الخمسين خفف عنه حسابه ، فإذا بلغ الستين رزقه الله عز وجل الإنابة إليه ، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء ، فإذا بلغ الثمانين كتب له حسناته ، وتجاوز عن سيئاته ، فإذا بلغ التسعين غفر له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر ، وشفع في أهل بيته ، وسمى عبدالله أسير الله في أرضه ، فإذا بلغ أرذل العمر { لِكَيْلاَ يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئَاً } [ الحج : 5 ] كتب له مثل ما كان يعمل في صحته من الخير ، وإن عمل سيئة لم تكتب عليه " .