Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 96, Ayat: 1-19)
Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبِّكَ } يعني بالواحد { ٱلَّذِي خَلَقَ } [ آية : 1 ] يعني الإنسان ، وكان أول شىء نزل من القرآن خمس آيات من أول هذه السورة { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } [ آية : 2 ] وهى النطفة التي تكون عشرين ليلة ، ثم تصير ماء ودماً ، فذلك العلق ، قوله : { ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } [ آية : 3 ] { ٱلَّذِى عَلَّمَ بِٱلْقَلَمِ } [ آية : 4 ] وذلك " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، دخل المسجد الحرام ، فإذا أبو جهل يقلد إلهه الذى يعبده طوقاً من ذهب ، وقد طيبه بالمسك ، وهو يقول : يا هبل لكل شىء سكن ، ولك خير جزاء ، أما وعزتك لأسرنك القابل ، وذلك أنه كان ولد له في تلك السنة ألف من الإبل ، وجاءه عير من الشام فربح عشرة آلاف مثقال من الذهب ، فجعل ذلك الشكر لهبل ، وهو صنم كان في جوف الكعبة طوله ثمانية عشر ذراعاً . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويحك ، أعطاك إلهك وشكرت غيره ، أما والله لله فيك نقمة ، فانظر متى تكون ؟ ويحك ، يا عم ، أدعوك إلى الله وحده ، فإنه ربك ورب آبائك الأولين ، وهو خلقك ورزقك ، فإن اتبعتني أصبت الدنيا والآخرة " ، قال له : واللات والعزى رب هذه البنية لئن لم تنته عن مقالتك هذه ، فإن وجدتك هاهنا ، وأنت تعبد غير آلهتنا لأسفعنك على ناصيتك يقول : لأخرجنك على وجهك ، أليس هؤلاء بناته ، قال : وأنى يكون له ولد ؟ . فأنزل الله عز وجل { عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [ آية : 5 ] والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالأراك ضحى ، ثم بين ، فقال : { خَلَقَ ٱلإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ } يعني من دم حتى تحولت النطفة دماً ، اقرأ يا محمد ، ثم استأنف ، فقال : { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ ٱلَّذِى عَلَّمَ } الكتابة { بِٱلْقَلَمِ عَلَّمَ ٱلإِنسَانَ } من القرآن { مَا لَمْ يَعْلَمْ } . ثم قال : { كَلاَّ } لا يعلم إن علمته ، ثم استأنف ، فقال : { إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ } [ آية : 6 ] في نعم الله عز وجل ، يعني أبا جهل بن هشام ، وكان إذا أصاب مالاً أشر يعني بطر في ثيابه ، وفى مراكبه ، وفى طعامه وشرابه ، فذلك طغيانه ، إذا رأى نفسه استغنى ، وكان موسراً طغى ، فخوفه الله الرجعة إليه ، فقال : { أَن رَّآهُ ٱسْتَغْنَىٰ إِنَّ إِلَىٰ رَبِّكَ ٱلرُّجْعَىٰ } [ آية : 8 ] خوفه في القيامة في التقديم بعد أن قال : { وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ } ، ثم هدده فيما بعد بقوله : { كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } [ العلق : 15 ] ، ثم ذكر الناصية ، فقال : { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } [ العلق : 16 ] . ثم قال : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } [ آية : 10 ] وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم فرضت عليه الصلاة بمكة ، فقال أبو جهل : لئن رأيت محمداً يصلى لأضربن عنقه ، فقال الله ، عز وجل : { أَرَأَيْتَ ٱلَّذِي يَنْهَىٰ عَبْداً إِذَا صَلَّىٰ } يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى : { أَرَأَيْتَ إِن كَانَ } ، يعني محمداً { عَلَىٰ ٱلْهُدَىٰ } [ آية : 11 ] { أَوْ أَمَرَ بِٱلتَّقْوَىٰ } [ آية : 12 ] يعني الإخلاص { أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ } أبو جهل بالقرآن { وَتَوَلَّىٰ } [ آية : 13 ] ، يعني وأعرض { أَلَمْ يَعْلَم } أبو جهل { بِأَنَّ ٱللَّهَ يَرَىٰ } [ آية : 14 ] النبي صلى الله عليه وسلم وحده ، ويرى جمع أبي جهل . ثم قال : { كَلاَّ } لا يعلم أن الله عز وجل يرى ذلك كله ، ثم خوفه ، فقال : { لَئِن لَّمْ يَنتَهِ } يعني أبا جهل عن محمد ، بالتكذيب والتولى { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } [ آية : 15 ] يقول : لنأخذن بالناصية أخذاًَ شديداً ، ثم أخبر عنه أنه فاجر ، فقال : { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ } [ آية : 16 ] يقول : إنما يجره الملك على وجهه في النار من خطيئته ، ثم قال : { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } [ آية : 17 ] يعني بني مخزوم ، يعني ناصره { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } [ آية : 18 ] فهم أشد غضباً عليه من بني مخزوم على محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن لم تنته ورأيتك هاهنا لأجرنك على وجهك . فأراد بذلك أن يذل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل فيه يذله ، فقال : لئن لم ينته عنك ، وعن مقالته الشرك { لَنَسْفَعاً بِٱلنَّاصِيَةِ } ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت أبا جهل في طمطام من نار يجر على وجهه في نار جهنم على جبال من جمر فيطرح في أوديتها ، فيقول : بأبي محمد وأمي لقد كان ناصحاً لي ، وأراد بي خيراً ، ولكني كنت مسيئاً إلى نفسي ، وأردت به شراً ، رب ردني إلى قومي ، فأؤمن به ، وآمر بني مخزوم أن يؤمنوا به " . قال : { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ وَٱسْجُدْ وَٱقْتَرِب } [ آية : 19 ] لأنهم كانوا يبدؤون بالسجود ، ثم بعد السجود بالركوع ، ثم بعد الركوع بالقيام ، فكانوا يقومون ، ويطلبون المسألة من آلهتهم فأمر الله تعالى أن يسجدوا ويقتربوا ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد ، ثم يركع ، ثم يقوم ، فيدعو الله تعالى ويحمد فخالف الله تعالى على المشركين بعد ذلك ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالقيام ، ثم بالركوع ، ثم السجود . قال : { فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ } يعني ناصره { سَنَدْعُ ٱلزَّبَانِيَةَ } يعني خزنة جهنم أرجلهم في الأرضين السفلى ورءوسهم في السماء { كَلاَّ لاَ تُطِعْهُ } يقول للنبي صلى الله عليه وسلم : لا تطع أبا جهل في أن تترك الصلاة ، { وَٱسْجُدْ } يقول : وصل لله عز وجل { وَٱقْتَرِب } إليه باطاعة ، فلما سمع أبو جهل ذكر الزبانية ، قال : قد جاء وعد الله وانصرف عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كان هم به ، فلما رجع قالوا له : يا أبا الحكم خفته ؟ قال : لا ، ولكني خفت الزبانية .