Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 99, Ayat: 1-8)

Tafsir: Tafsīr Muqātil ibn Sulaymān

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِذَا زُلْزِلَتِ ٱلأَرْضُ زِلْزَالَهَا } [ آية : 1 ] يقول : تزلزت يوم القيامة من شدة صوت إسرافيل ، عليه السلام ، يعني تحركت ، فتفطرت حتى تكسر كل شىء عليها بزلزالها من شدة الزلزلة ، ولا تسكن حتى تلقى ما على ظهرها من جبل ، أو بناء ، أو شجر ، فيدخل فيها كل شىء خرج منها ، وزلزلت الدنيا ، فلا تلبث حتى تسكن { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [ آية : 2 ] يقول : تحركت فاضطربت ، وأخرجت ما في جوفها من الناس والدواب ، والجن ، وما عليها من الشياطين ، فصارت خالية ليس فيها شىء ، وتبسط الأرض جديدة بيضاء ، كأنها الفضة ، أو كانها خامة ، ولها شعاع كشعاع الشمس ، لم يعمل عليها ذنب ، ولم يهرق فيها الدماء ، وذلك أنه إذا جاءت النفخة الأولى ، يموت الخلق كلهم ، ثم النفخة الثانية . فأما الأولى فينادى من تحت العرش من فوق السماء السابعة ، وأما الأخرى فمن بيت المقدس ، يقعد إسرافيل على صخرة بيت المقدس ، فيقول : أيتها العظام البالية ، والعروق المتقطعة ، واللحوم الممزقة اخرجوا إلى فصل الفضاء ، لتجازوا بأعمالكم ، قال : فيخرجون من قبورهم إلى الأرض الجديدة ، وتسمى الساهرة ، فذلك قوله تعالى : { فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } ، وأيضاً { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } أخرجت ما فيها من الموتى والأموال . { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } [ آية : 3 ] قال الكافر جزعاً ما لها تنطق بما عمل عليها { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } [ آية : 4 ] يقول : تخبر الأرض بما عُمل عليها من خير أو شر ، تقول الأرض وحد الله على ظهري ، وصلى علي ، وصام ، وحج ، واعتمر ، وجاهد ، وأطاع ربه ، فيفرح المؤمن بذلك وتقول للكافر : أشرك على ظهري ، وزنى ، وسرق ، وشرب الخمر ، وفعل ، وفعل ، فتوبخه في وجهه ، وتشهد عليه أيضاً الجوارح ، والحفظة من الملائكة ، مع علم الله عز وجل فيه ، وذلك الخزي العظيم ، فلما سمع الإنسان المكذب عمله ، قال جزعاً : { مَا لَهَا } يعني للأرض تحدث بما عمل عليها ، فذلك قوله : { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } في التقديم ، يقول له : { يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا } يقول : تشهد على أهلها بما عملوا عليها من خير أو شر ، فلما سمع الكافر يومئذ ، قال : ما لها تنطق ؟ قال الملك الذي كان موكلاً به في الدنيا يكتب حسناته وسيئاته ، قال : هذا الكلام الذي تسمع إنما شهدت على أهلها . { بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَىٰ لَهَا } [ آية : 5 ] { وَقَالَ ٱلإِنسَانُ مَا لَهَا } يعني الكافر ، يقول : يوحى الله إليها بأن تحدث أخبارها ، وأيضاً أن ربك أوحى لها بالكلام ، فذلك قوله : { أَوْحَىٰ لَهَا } ، { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } يعني يرجع الناس من بعد العرض والحساب إلى منازلهم من الجنة والنار متفرقين ، كقوله : { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [ الروم : 43 ] ، يعني يتفرقون فريق في الجنة ، وفريق في السعير . وذكر فيما تقدم { وَأَخْرَجَتِ ٱلأَرْضُ أَثْقَالَهَا } ، ثم ذكر هنا أن الناس أخرجوا { لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } [ آية : 6 ] الخير والشر ، يعني لكي يعاينوا أعمالهم ، وأيضاً { يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ ٱلنَّاسُ أَشْتَاتاً } ، يقول : انتصف الناس فريقين والأشتات الذين لا يلتقون أبداً ، قال : { لِّيُرَوْاْ أَعْمَالَهُمْ } ، ثم قال : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ } [ آية : 7 ] يقول : من يعمل في الدنيا مثقال ذرة ، يعني وزن نملة أصغر النمل الأحمر التي لا تكاد نراها من صغرها ، خيراً في التقديم يره يومئذ يوم القيامة في كتابه أيضاً { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [ آية : 8 ] في صحيفته ، وذلك أن العرب كانوا لا يتصدقون بالشىء القليل ، وكانوا لا يرون بالذنب الصغير بأساً ، فزهدهم الله عز وجل في الذنب الحقير ، ورغبهم في الصدقة القليلة ، فقال : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } في كتابه والذرة أصغر النمل وهي النملة الصغيرة ، وأيضاً فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرة قدر نملة شراً يره يوم القيامة في كتابه ، نزلت في رجلين بالمدينة ، كان أحدهما إذا أتاه السائل يستقل أن يعطيه الكسرة أو النمرة ، ويقول : ما هذا بشىء إنما نؤجر على ما نعطى ونحن نحبه . وقد قال الله عز وجل : { وَيُطْعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ } [ الإنسان : 8 ] ، فيقول : ليس هذا مما يحب ، فيستقل ذلك ، ويرى أنه لا يؤجر عليه ، فيرد المسكين صفراً ، وكان الآخر يتهاون بالذنب اليسير الكذبة ، والنظرة ، والغيبة ، وأشباه ذلك ، ويقول : ليس على من فعل هذا شىء إنما وعد الله النار أهل الكبائر ، فأنزل الله عزو جل يرغبهم في القليل من الخير أن يعطه لله ، فإنه يوشك أن يكثر ويحذرهم اليسير من الشر ، فإنه يوشك أن يكثر ، فالذنب الصغير في عين صاحبه يوم القيامة أعظم من الجبال الرواسى ، ولجميع محاسنه التي عملها في دار الدنيا أصغر في عينه من حسنة واحدة . حدثنا عبدالله بن ثابت ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن أبي روق ، في قوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً } [ الأنعام : 115 ] ، قال : لمن جاء بشرائع الإسلام ، فله الجنة وعدلاً على أهل التكذيب فلهم النار . أسماء من دفن بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحمة الله عليهم ، عمران بن حصين ، وطلحة ، والزبير ، وزيد بن صوحان ، وأنس بن مالك . أسماء من حفظ القرآن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الدرداء ، وابن مسعود ، ومعاذ بن جبل ، وأبى بن كعب ، وزيد بن ثابت ، وأبو زيد . قال مقاتل : رحمه الله : شعيب بن نويب بن مدين بن إبراهيم . أيوب بن تارح بن عيصو . داود بن أشى بن عويذ بن قارص بن يهوذا بن يعقوب . إسحاق بن إبراهيم . هود وهو عابر . صالح بن أرفخشد ابن سام بن نوح . إبراهيم اسمه إبرخيم ، وفي الإنجيل أبو الأمم . لوط بن حران بن أزر ، وهو ابن أخي إبراهيم ، وسميت حران به . سارة اخت لوط بنت حران ، أخي إبراهيم ، وهي امرأته . قال مقاتل : الحسن عشرة أجزاء خمسة لحواء ، وثلاثة لسارة ، وواحد ليوسف ، وواحد لسائر الناس . حدثنا عبدالله بن ثابت ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، قال : حدثني المسيب بن شريك ، عن هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن عبدالله بن عمرو بن العاص ، قال : قالت الملائكة : نحن المقربون منا حملة العرش ، ومنا الحفظة الكرام الكاتبون . جعلت الدنيا لبني آدم يأكلون ، ويشربون ، ويفرحون ، فاجعل لنا الجنة ، فأوحى الله إليهم لا أجعل صالح ذرية من خلقته بيدي ، كمن قلت له كن فكان ، قال المسيب : ذلك في كتاب الله عز وجل { أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } [ البينة : 7 ] ، يعني الخليقة . حدثنا عبدالله ، قال : حدثني أبي ، قال : قال الهذيل : حدثني الحذاء عن شيبان ، عن بشر بن سعاف ، عن عبدالله بن سلام ، قال : إن الله عز وجل لم يخلق خلقاً أكرم عليه من آدم ، عليه السلام ، قال : فقلت : ولا من جبريل ، وميكائيل ، عليهما السلام ، فقال : نعم ، إنما هم قوم محمولون على شىء كالشمس والقمر ، وحديث آخر أن المسجود له أكرم على الله عز وجل من الساجد .