Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 6-8)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الدابة : كل حي يدب على الأرض ، وغلبت على كل ما يركب من الخيل والبغال والحمير . المستقر : مكان الاستقرار . ومستودعها : الموضع الذي كانت فيه قبل استقرارها ، كالصلب والرحم والبيضة . الى امة معدودة : الى زمن معين . حاق بهم : نزل بهم واحط بهم . يبيّن الله في الآيات آثار قدرته ، وما يتعلقّ بحياة البشر وشؤونهم المختلفة ، ويعرِّفُ الخلْقَ بربهم الحقّ الذي عليهم ان يعبدوه ، فهو العالِمُ المحيط علمه بكل خلْقه ، وهو الرازق الذي لا يترك أحداً من زرقه . ثم يُطلعها على آثار قدرتِه وحكمته في خلق السماوات والأرض بنظامٍ خاص في أطوار او آمادٍ مُحكَمة . { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } . ليس هناك دابة تتحرك على الارض الا وقد تكّفل الله برزقها ، فكل مخلوق له رزقٌ مقدَّر من الله في سُننه التي ترتَّب النِّتاجَ على الجُهد ، فلا يقعدنَّ أحد عن السعي فالسّماء لا تمطر ذهباً ولا فضة . { وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ } [ النجم : 39 ] . { وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا } . ان الله يعمل اين تستقرّ تلك الدابة او المخلوق واين تقم ، والمكانَ الذي تودع فيه بعد موتها . { كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ } . كل شيء من ذلك مسجَّلٌ عنده سبحانه في كتابٍ مبين موضِحٍ لأحوال ما فيه . { وَهُوَ ٱلَّذِي خَلَق ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } . انه هو الذي خلق السماواتِ والأرض في ستّ مراحلَ ، كما تقدم في سورة الاعراف الآية 54 ، وسورة يونس الآية 4 . ومن قبل ذلك لم يكن الوجود اكثر من عالم الماء . { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } يعني أن الماء كان موجوداً ، خَلَقَه سبحانه وتعالى قبل ان يخلق السماوات والأرض . أما كيف كان هذا الماء ، وكيف كان عرشه عليه ، فليس هناك نص على شيء من ذلك ، والعقلُ وحده لا يمِلك العلم به ونترك البحث فيه . ثم عَلل الله بما آنفاً بعض حِكمه الخاصة بالمكلفين المخاطبين بالقرآن فقال : { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } . ولقد خلق هذا الكونَ ليُظهر أحوالَكم ايها الناس ، بالاختبار وليُظهِر أيكم احسنُ إتقانا لما يعمله لنفسه وللناس . { وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } . لئن اخبرتَ يا محمد هؤلاء المشركين أن الله سبعثُهم من قبورِهم بعد مماتِهم ، سارعوا الى الرد عليك مؤكدين ان هذا الذي جئتَهم به لا حقيقةَ له ، وما هو الا كالسِحر الواضح تسحَرُ به العقول . فما أعجبَ هذا القول وما أغربه ! ؟ قراءات : قرأ حمزة والكسائي : " ان هذا الا ساحر مبين " . { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ ؟ } . ولئن أخّرنا عنهم عذابَنا الذي توعِدُهم به ايها الرسول إلى وقتٍ محدّد لَيقولون مستهزئين : ما الذي يمنعُه عنّا الآن ! شأنُهم في التكذي بالبعث ، كشأنهم في مسألة العذابِ الدنيوي ، يستعجِلونه ويتساءولن عن سببِ تأخيره . { أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } . الا فلْيعلمْ هؤلاء القوم ان العذابَ آتٍ حتما ، لا خلاصَ لهم منه ، وأنه سيحيط بهم بسبب استهزائهم واستهتارهم .