Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 11, Ayat: 77-80)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سيء بهم : ساءه مجيئهم . وضاق بهم ذعا : تحير ولم يطق هذه المصيبة . الذرع : منتهى الطاقة ، يقال : ضاق الامر ذرعا : اذا صعب عليه احتالُه . عصيب : شديد . يُهرَعون اليه : يسرعون . لا تخزوني : لا تخجلوني . رشيد : عاقل . الى ركن شديد : الى من ينصرني من اصحاب النفوذ . { وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيۤءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ } . كان لوط ابنَ أخِ ابراهيم . آمن بنبوّة عمّه وتَبِعه في رحلاته . فكان معه بِمِصْرَ وأغدق عليه ملكُ مصرَ كما اغدق على ابراهيم . فكثُر ملاه ومواشيه . ثم إنه افترقَ عن ابارهيم لأن المكانَ الذي سكنه عمّه لمي عد يتسع لمواشيهما ، ونزل سدوم في جنوب فلسطين ، وهو المكان الذي فيه البحر الميت الآن . وقد ذكر لوط في القرآن الكريم سبعا وعشرين مرة في اربع عشرة سورة هي : الانعام ، الاعراف ، هود ، الحجر ، الانبياء ، الحج ، الشعراء ، النمل ، العنكبوت ، الصافات ، ص ، ق ، القمر ، التحريم . وكان أهلُ سَدوم ، قوم لوط ، ذوي أخلاق دنيئة لا يستحون من منكر ، ولا يتعفّفون عن معصية ، بل يأتونها علناً على رؤس الاشهاد ، كما قال تعالى : { وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ ٱلْمُنْكَرَ } [ العنكبوت : 29 ] . وقد ذكرت قصة لوط بتمامها في عدة سُوَر ، وخلاصتها ان قوم لوطٍ كانوا من الشرّ بمكان … كانوا يقطعون الطريقَ على السابلة ، قد ذهب الحياء من وجوههم فلا يستقبحون قبيحا ، ولا يَرْغَبون في حَسَن . وكانوا قد ابتدعوا من المنكَرات مالم يسبقهم اليه أحَد ، ومن ذلك أنهم يأتون الذكورَ من دون النساء ، ولا يرون في ذلك سوءا . وقد وعظَهم لوط ونصحهم ونهاهم وخوَّفهم بأسَ الله فلم يأبهوا له ولم يرتدعوا . فلما ألحّ عليهم بالعِظات والإنذار هدّدوه : تارةً بالرجم ، وتارةً بالإخراج ، لأنه غريب ، الى أن جاءَ الملائكةُ الذين مرّ ذِكرهم . وقد جاءوا الى لوط بهيئةِ غِلمان مُرْدٍ حسانِ الوجوه ، فلّما جاءوا على هذه الهيئة تألَم واستاء ، واحسّ بضعفٍ عن احتمالِ ضيافتهم وحمايتهم من فساد قومه ، وقال : هذا يومٌ شديد ، شرُّه عظيم . { وَجَآءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ } . ولما علم قومُ لوط جاءوا مسرعين اليه ، وكانوا معتادين على ارتكاب الفواحش والفُسوق وعملِ السيئات . { قَالَ يٰقَوْمِ هَـٰؤُلاۤءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللًّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } . وحاول لوط ردَّهم فقال : يا قوم ، هؤلاء بناتي ، تزوجوا بهن ، ذلك أظهرُ لكم من ارتكاب الفواحش مع الذكور … اخشوا الله واحذَروا عقابه ، و تفضحوني بالاعتداء على ضيوفي ، اليس فيكم رجلٌ عاقل سديدُ الرأي يردّكم عن الغيّ والضلال ! ! { قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ } . فأجابه قومُه بقولهم : أنت تعلم أننا لا نريد النساء كما تعلمُ ما هي رغبتُنا . وأَجمَعُوا أمرَهم على فعلِ ما يريدون من العملِ الخبيث . عند ذلك تحيرّ لوط ، وأَحسّ بضعفه ، وهو غريبٌ بينهم ، لا عشيرةَ له تحميه ، فقال بحزن : { قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِيۤ إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ } . آه لو كان لي قوة تدفعكم عن بيتي هذا ، او ركن شديد أعتمدُ عليه في حماية ضيوفي ، ومنعكم من ارتكاب السيئات . وفي صحيح البخاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وهو يقرأ هذه الآيات يقول : " يغفرُ الله للوط ، أنه كان لَيأوي إلى ركن شديد " . فلما ضاق الأمر واستحكمت حلقاته ، وبلغ الكرب اشده ، كشف الرسل عن حقيقة أمرم وأَنهم ملائكة فقالوا : { قَالُواْ يٰلُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ … } .