Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 113, Ayat: 1-5)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أعوذ : أَلجأ ، وأعتصم . الفلَق : ضوء الصبح والخَلْق . الغاسق : الليل اذا اشتدّت ظُلمتُه . النفّاثات : الساحرات ، واحدها نفّاثَة ، وهي التي تنفُثُ بِرِيقِها على عُقَدِ الخِيطان لتسحَر . الحاسد : الذي يتمنى زوالَ النعمة عن الغير . { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ } قل يا محمد : إني أَعتصِمُ بربّ الصُّبح الذي ينجَلي عنه الظلام . { مِن شَرِّ مَا خَلَقَ } من شرِّ كل مؤذٍ من جميع المخلوقات ، فلا يدفعُ شرَّها الا مالكُ أمرِها . { وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ } ومن شرِّ الليلِ إذا أظلمَ واشتدّ ظلامه . وقد أمرَنا الله ان نتعوّذ من شرِّ الليل لأنّه فيه تحدُث معظم الجرائم ، ففي ظلامه سَتر لكلّ مجرِم ، وفيه تخرج السِّباع من آجامها ، والهوامُ من أَمكنتها . { وَمِن شَرِّ ٱلنَّفَّاثَاتِ فِي ٱلْعُقَدِ } ومن شر كلّ من يسعَى بين الناس بالإفساد ، ومنهم تلك السواحِرُ اللاتي يَنْفُثْن في العُقَد لضررِ عبادِ الله ، وليفرّقنَ بين المرءِ وزوجه . وهناك رواياتٌ في سبب نزول هذه السورة والّتي تَليها تذكُر ان النبيّ صلى الله عليه وسلم سَحَرَه يهوديٌّ اسمه لَبيد بن الأعصم . فنزلت المعوِّذتان وزال السِّحر عندما قرأهما الرسول الكريم . ومع أن بعض هذه الروايات في الصحيح ولكنها مخالِفَة للعقيدة ، وتناقض العِصمةَ التي أُعطيت للرسول بقوله تعالى : { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [ المائدة : 67 ] . والواقع أنّ هاتين السورتين مكيّتان ، وفي ذلك ما يُوهِنُ صحة الروايات . { وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ } ونعوذُ بالله تعالى من شرِّ الحاسدِ الذي يتمنَّى زوالَ النعمة عن غيره ، والحسدُ خلُق مذموم " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الحسدُ يأكل الحسناتِ كما تأكل النارُ الحطب " . والحسد أول معصية عُصِيَ اللهُ بها في السماء وفي الأرض ، فَحَسَدَ ابليسُ آدمَ ، وحسد قابيلُ أخاه هابيل فقتَله . والحاسد يضرّ نفسَه ثلاث مضرّات : أحداها اكتسابُ الذنوب ، لأن الحسدَ حرام . الثانية : سوءُ الأدبِ مع الله تعالى ، فإن حقيقةَ الحسد كراهيةُ إِنعام الله على عبده ، واعتراضٌ على الله . الثالثة : تألُّم قلبِ الحاسِد من كثرةِ همِّه وغمِّه . @ كلُّ العداوة قد تُرجَى إزالتها إلا عداوةُ من عاداكَ من حسَد @@ وخلاصة معنى السورة الكريمة : إن الله تعالى طلبَ من الرسول الكريم أن يلجأَ الى ربّه ، ويعتصمَ به من شرِّ كل مؤذٍ من مخلوقاته ، ومن شرِّ الليل إذا أظلمَ لما يصيب النفوسَ فيه من الوحشة ، ولما يتعذَّر من دَفع ضرره . ومن شرِّ المفسِدات الساعيات في حَلِّ ما بينَ الناسِ من روابطَ وصِلات ، ومن شرِّ الحاسدين الذين يتمنّون زوالَ ما أسبغَ الله على عباده من النعم . اللهم اجعلْنا من المحسُودين لا من الحاسِدين .