Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 13, Ayat: 12-15)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شديد المحال : شديد القوة والكيد . الضلال : جمع ظل وهو خيال الشيء . الغدو : اول النهار . الآصال : جمع اصيل ، وهو ما بين العصر والمغرب . { هُوَ ٱلَّذِي يُرِيكُمُ ٱلْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِىءُ ٱلسَّحَابَ ٱلثِّقَالَ } . ان آثاره قدرةِ الله في الكون ظاهرة ، والبرقُ من هذه الظواهر الكونية العجيبة ، فهو الذي يسخّر البرقَ فيخافه بعضُ الناس خشية الضرر على محصوله من نزولِ المطر او ما يترتّب عليه من الصواعق ، ويطمع فيه بعضُهم رجاءَ نزول الغيث لسقي الزرع … فبعضهم يخاف وبعضُهم يطمع في الخير من ورائه ، والله تعالى هو الذي ينشىء السحابَ المملوءة بالأمطار فيغيث بها الزرعَ والضرع . { وَيُسَبِّحُ ٱلرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَٱلْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ ٱلصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي ٱللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ ٱلْمِحَالِ } . ويسبِّح الرعدُ بدَلالتِه على وحدانية الله بحمدِه وتقديسه ، فهذا الصوتُ المدوِّي في السماوات إنما هو حمدٌ وتسبيحٌ بالقدرةِ التي صاغت هذا النظام ، ويسبِّح الملائكةُ الكرامُ من هيبته وجلالِه . ثم تتم الصورةُ الرهيبة المشمولة بالرهبة والابتهال والبرقِ والرعدِ والسحابِ الثقال ، بإرسال الصواعقِ ، فيُصيب الله بها من يشاء . ومع كل هذه الآياتِ والظواهر الكونية العجيبة يجادلُ الكفّار في شأن الله ووحدانيتِه وتفرُّدِه بالمُلْك ، وهو سبحانه لا يغالب ، فهو شديدٌ في عقوبة من طغى عليه وتمادى في كفره . روى الإمام أحمد والبخاري والترمذي والنَّسائي عن ابن عمر : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سمعَ صوتَ الرعد والصواعق يقول : اللهمَّ لا تقتلْنا بغضَبك ، ولا تُهلكنا بعذابك وعافِنا قبلَ ذلك " . { لَهُ دَعْوَةُ ٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى ٱلْمَآءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } . المشرِكون المعاندون يجادلون في الله وينسبُون إليه شركاءَ يدْعونهم معه ، ودعوةُ الله هي وحدَها الحق ، وما عداها باطلٌ ذاهب . وفي هذا وعيدٌ للكفار على مجادَلَتهم الرسولَ الكريمَ في الله . هذا مع ان الّذين يدعونهم من الآلهة المزيَّفة من دونِ الله لا يَستجِيبون دعاءَهم ولا يُنجِدونهم بشيء ، ومثلُهم في ذلك كَمَن يبسُط كفّيه ليأخذَ بهما ماءً الى فمه ، وهياتً ان يحصَل على شيء . { وَمَا دُعَآءُ ٱلْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلاَلٍ } . في ضياعٍ وخسارة بدون فائدة . ثم بيَّن الله تعالى عظيم قدرته فقال : { وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُم بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } . في الوقت الذي يتّخذ الجاحدون آلهة من دونِ الله ، ويتوجَّهون إليهم بالرّجاءِ والدعاء ، نرى كلَّ من في هذا الكون يخضعُ لإرادته ويعنُو لعَظَمته من أناس وجِنّ وملائكةٍ طائعين أو كارهين ، حتى ظِلالُهم خاضعةٌ لأمرِ الله ونَهْيِهِ في جميع أوقات النهار ، وفي هذا تعميم لكل شيء . عند قراءة هذه الآية يُسَنّ للقارئ والمستمع ان يسجد .