Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 19-25)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يدرأون : يدفعون عن انفسهم . جنات عدن : جنات الاقامة . لهم عقبى الدار : خاتمة مكانهم الجنة وهي سعادة الدنيا والآخرة . { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } . لا يستوي المهتدي والضالُّ ، فالّذي يعلم ان الوحَي حق ، وإن اللهَ تعالى الذي اصطفاكَ أنزلَ إليك هذا الوحيَ - مهتدٍ وبصير ، والذي كذّب وعاند فهو أعمى ضال . { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } . انما يؤمنُ ويعتبر بهذه الأمثالِ ويتّعظُ بها ، أهلُ العقول السليمة التي تفكّر وتُبصِر . ومن ثم بيّن أولي الألباب فقال : { ٱلَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ ٱللَّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ ٱلْمِيثَاقَ } . هؤلاء هم أولو الالبابِ ، فهم الّذين آمنوا بربِّهم وعَقَدوا الميثاقَ بينَهم وبينَه على أن يقوموا بأوامرِه ويبتعدِوا عن كلِّ ما خالفَ الشرع ، ولا ينقضون هذا العهد . { وَٱلَّذِينَ يَصِلُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ } . ومن صفاتِ أولي الألباب : انهم يَصِلون الرَّحمَ ويُعاملون الأقاربَ بالمودَّةِ والحسنى ويُحسِنون الى الناس بقدْرِ ما يستطيعون ، ويُعينون المحتاجَ ، ويكونون في خدمة دينِهم وأُمّتهم ووطنهم ، كل ذلك ضِمنَ خشية الله ، ومخافةِ العقاب . { وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِٱلْحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } . وكذلك من صفات أولي الألباب : أنهم ثَبَتوا على العهد ، فصَبروا على أداءِ التكاليف والواجبات وصبروا في خِدمة الناسِ ما استطاعوا ، لا يُريدون في ذلك كلِّه إلا وجهَ الله ، وأدَّوا الصلاةَ أتمَّ أداء ، وأنفقوا من أموالِهم وجاهِهم في سبيلِ الله في السرِّ والعلَن ، ويقابلون الاساءةَ بالإحسان . { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } [ الفرقان : 63 ] . { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَىٰ ٱلدَّار } . هؤلاء الّذين تحلَّوا بكلَّ هذه الصفاتِ هم أولو الألبابِ ولهم سعادةُ الدارَين . { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } . أولئك الّذين وصفْناهم بتلكَ المحاسنِ لهم عقبى الدار : جناتُ عَدْنٍ للإقامة الدائمة والخلودِ ، وفي هذه الجنات يأتَلِفُ شَمْلُهم مع الصالحين من آبائِهم وأزواجِهم وذريّاتم ، فيجتمع الأحبابُ ويتلاقون في جوٍّ من السعادة ، وترحِّبُ بهم الملائكةُ ويدخلون عليهم بالتحيةِ والإكرام من كلّ باب قائلين لهم : { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّار } . { وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي ٱلأَرْضِ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوۤءُ ٱلدَّارِ } . بعد ان بين الله تعالى صفاتِ المتقين ، وما أعَدَّ لهم عندَه في دارِ الكرامة ، بيَّن هنا حالَ المكذِّبين الجاحدين وما ينتظرُهم من العذابِ وأن مقرَّهُم النارُ ، فهذه الصفاتُ التي وصفَ بها أولئك الأشقياءَ هي السببُ في خُسرانهم . إنّهم الّذِين لا عهدٌ لهم ولا ميثاق ، ولا إيمان ، ولا يَصِلون أرحامهم ، وليس لأحدٍ عندهم نفعٌ ولا رجاءٌ ، يعيشون لأنفسِهم ولا يعلمون أن الدنيا أخذٌ وعطاء ، ومع كلِ هذا فهم مفسدون في الأرض فلهم اللعنةُ وسوءُ العاقبة في جهنم .