Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 17, Ayat: 1-1)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
سبحانه الله : تنزيها له عن كل ما لا يليق بجلاله . أسرى : سار ليلا . المسجد الحرام : مسجد مكة . المسجد الاقصى : الحرم في بيت المقدس ، وهو اقصى ، أي بعيد بالنظر الى الحجاز . تنزيها لله الذي اسرى بعبده محمد في جزء من الليل ، ومن المسجد الحرام بمكة الى المسجد الاقصى ببيت المقدس ، ذلك المسجد الذي جعلنا البركة فيه وحوله لسكّانه في معايهشم وقواتهم ، لنُري عبدنا محمدا من أدلتنا ما فيه البرهان الكافي والدليل الساطع على وحدانيتنا وعظم قدرنا . ان الله الذي اسرى بعبده هو السميع لما يقول هؤلاء المشركون من اهل مكة ، البصير بما يفعلون . حادث الاسراء : كان حادث الاسراء في ليلة 27 من رجب قبل الهجرة بسنة واحدة ، وقد حصل الاسراء من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى بالجسد والروح فعلا ، ولو كان الاسراء بالروح فقط لما كان في ذلك شيء من العجب ، ولما قامت ضجة قريش ، وبادروا الى تكذيبه . فالرواية تقول " ان الرسول الكريم كان نائما في بيت ابنة عمه ام هانئ ، فأُسري به ورجع من ليلته وقص القصة على ام هانئ ، ثم قام ليخرج الى المسجد فتشبثت ام هانئ بثوبه ، فقال لها : مالك ؟ قالت : اخشى ان يكذّبك قومك ان أخبرتهم : قال : وان كذّبوني . فخرج فجلس اليه ابو جهل ، فاخبره رسول الله بحديث الاسراء ، فقال ابو جهل : با معشر بني كعب بن لؤي ، هلُم . فحدّثهم . فاستنكر القوم ذلك ، فمن مصفق وواضع يده على رأسه تعجبا وانكارا . وارتد ناس من المسلمين . وسعى رجال الى ابي بكر رضي الله عنه قال : أوَ قال ذلك ؟ قالوا : نعم . قال : فأنا أشهد لئن قال ذلك لقد صدق . قالوا : فتصدّقه في ان يأتى الشام في ليلة واحدة ثم يرجع الى مكة قبل ان يصبح ؟ قال : نعم ، انا أصدقه بأبعدَ من ذلك ، اصدقه بخبر السماء . فسُمّيَ الصدّيق . وكان منهم من سافر الى بيت المقدس ، فطلبوا اليه وصف بيت المقدس فوصفه لهم وصفا دقيقا ، فقالوا أخبرْنا عن عِيرنا ، فأخبرهم بعدد جمالها واحوالها ، وقال : تَقْدُم يوم كذا ، فكان كما قال . وفي الليلة ذاتها كان العروج الى السماء من بيت المقدس " . بيت المقدس بناه العرب الكنعانيون ، واليبوسيون منهم ، على جبل صهيون نحو سنة 2500 قبل الميلاد . وكلمة " صيهون " كنعانية أخذها اليهود وجعلوها شعاراً لهم . والرحلة من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى رحلة تربط بين عقائد التوحيد الكبرى من لدن ابراهيم واسماعيل عليهما السلام الى محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم . كما تربط بين الاماكن المقدسة لديانات التوحيد ، وتعيد الحق الى أهله . والمقصود من هذه الرحلة العجيبة اعلان وراثة الرسول الاخير لمقدسات الرسل قبله ، واشتمال رسالته على هذه المقدسات وارتباط رسالته بها جميعا ، فهي رحلة ترمز الى ابعد من حدود الزمان والمكان ، وتشمل آمادا وآفاقا أوسع من ذلك . كما أنها تتضمن معاني اكبر من المعاني القريبة التي تنكشف عنها النظرة الأولى . وهي آية من آيات الله ، تفتح القلب على آفاق عجيبة في هذا الوجود ، وتنكشف عن الطاقات المخبوءة في كيان هذا المخلوق البشري ، والاستعدادات الدينية التي يتهيأ بها لاستقبال فيض القدرة في اشخاص المختارين من هذا الجنس الذي كرمه الله وفضله على كثير من خلقه . وفي هذه الآية الكريمة يدلنا الله تعالى الى ان بيت المقدس والشام أجمع هي بلادنا وملك لنا فسارِعوا الى اخذها . ولم تمض عشرون سنة حتى كانت في حوزة المسلمين وبقيت وستبقى الى الأبد في أيديهم مهما كانت الغمّة القائمة . ومهما جمعت اسرائيل من قوة واسلحة ودعمها الامريكان والانكليز وغيرهم فانها سوف تزول ، ولسنا نشك في ان دائرة السوء ستدور عليهم جميعا ، ويذهب هذا الباطل ، وينمحي ذلك الزيف والكذب وتبقى القدس عربية مسلمة ، وتبقى الصخرة المشرفة ، ومسجد عمر { لِلَّهِ ٱلأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ ٱلْمُؤْمِنُونَ } [ الروم : 4 ] .