Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 18, Ayat: 47-49)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بارزة : ظاهرة ليس على وجهها شيء . حشرناهم : سقناهم الى الموقف . فلم نغادر : لم نترك . وعرضوا : أُحضروا للفصل والحساب . صفا : مصطفين . ووضع الكتاب : جعل كتاب كل انسان في يده . مشفقين : خائفين . الويل : الهلاك . احصاها : عدها . بعد ان بين الله تعالى ان الدنيا فانية زائلة ، وانه لا ينبغي ان يعتزَّ أحدٌ بِزخْرفها ونعيمها ، أردف هنا بذِكر مشاهدِ يوم القيامة وما فيها من أهوال ، وانه لا ينجيّ في ذلك اليوم الا من آمنَ وعمل صالحا ، ولا ينفع الانسانَ مالٌ ولا بنون ولا جاهٌ ولا مناصب . اذكر أيها الرسول للناس وأنذِرْهم يومَ نُفني هذا الوجودَ ونقتلع هذه الجبالَ من أماكنها ونسيّرها ونجعلها هباء منثورا ، كما قال تعالى في سورة النمل 88 : { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ } وتبصر في ذلك اليوم الأرضَ ظاهرة مستوية لا عوج فيها ولا وادي ولا جبل . { وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً } . وجمعنا الناس وبعثناهم من قبورهم فلم نترك احدا ، كما قال تعالى : { ذٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ ٱلنَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ } [ هود : 104 ] . وعن عائشة رضي الله عنها قالت : " سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " يُحشَر الناس حفاةً عراة … فقلت : الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض ؟ فقال : الأمر أشدُّ من ان يهمَّهم ذلك " وزاد النِّسائي : { لِكُلِّ ٱمْرِىءٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ } [ عبس : 36 ] ، يعني من شدّة الهول لا ينظر أحد إلى غيره . قراءات : قرأ ابن كثير وابو عمرو وابن عامر : " ويوم تُسيَّر الجبالُ " بضم التاء ورفع الجبال ، والباقون " نسير " بضم النون ونصب الجبال . ثم بين كيفية حشرِ الخلق وعرضِهم على ربهم بقوله : { وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفَّاً … } . ويعرَض الناس في ذلك اليوم على الله في جموع مصفوفة ويقول الله تعالى : لقد بعثناكم بعدَ الموت كما أحييناكم أولَ مرة ، وجئتمونا فُرادى حفاةً عراةً لا شيء معكم من المال والولد ، وقد كنتم في الدنيا تكذِّبون بالبعث والجزاء . ووُضع كتابُ الأعمال في يد كل واحد ، فيبصره المؤمنون فَرِحين بما فيه ، ويبصره الجاحدون فتراهم خائفين مما فيه من الأعمال السيئة . وعند ذلك يقولون : يا ويلَنا ما لِهذا الكتابِ لا يترك صغيرةً ولا كبيرة الا بيَّنها بالتفصيل والدّقة وعدَّها ! ! . ثم اكد الله ذلك بقوله : { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } . ووجدوا أمامهم في كتابهم كلَّ عملٍ عملوه مثبتا ، والله سبحانَه عادلٌ لا يظلم أحداً من خَلْقه بل يعفو ويصفح ، ويغفر ويرحم ، ويعذّب من يشاء بحكمته وعدله . أخرج ابن المنذر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ان الله تعالى ينادي يوم القيامة : يا عبادي ، أَنَا الله لا اله إِلا أَنا أرحمُ الراحمين وأَحكَم الحاكمين وأَسرع الحاسبين ، أحضِروا حجّتكم ، ويسِّروا جوابكم ، فإنكم مسئولون محاسَبون " .