Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 172-173)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الاهلال : رفع الصوت . وما أُهل به لغير الله : ما ذبح لصنم أو معبود غير الله . يتجه الخطاب هنا الى المؤمنين خاصة ، وليبيّن الله لهم ما حرم عليهم بعد أن طلب اليهم أن يأكلوا من طيبات ما رزقهم . وكان الناس قبل الاسلام فِرقا ، فمنهم من حرم على نفسه أشياء معينة من الحيوان . وبعض أهل الاديان السابقة يتقربون الى الله بتعذيب أنفسهم وتحريم بعض المأكولات ، واحتقار الجسد ، وغير ذلك من ألوان التحريم الذي كان من عند أنفسهم ، ومن وضع رؤسائهم . وقد جعل الله تعالى هذه الأمة وسطاً تعطي الجسد حقه ، والروح حقها . فأباح ان نتمتع بما طاب كسبه من الحلال ولا نمتنع عنه تديُّناً ولا تعذيباً للنفس ، ولا نحرم بعضا ونحلل بعضا ، تقليداً للرؤساء والحاكمين فقال : يا أيها الذين آمنوا أبيحَ لكم أن تأكلوا من الطعام الطيَب فاشكروا الله على ما أولاكم من نعمة التمكين من الطيبات ، ومن نعمة الطاعة والامتثال لأمره انت كنتم تعبدونه حقا . وسأبيّن لكم المحرم عليكم فلا تسمعوا للمشركين وما حرّموا ، ولا لما زعمه اليهود وغيرهم . ان المحرم عليكم هو ما مات من الحيوان ولم يذبح ، فالميتة مؤذية للجسم . ونحن نعرف ان ما يموت بشيخوخة أو مرض يكون موته بسبب مواد سامة ضارة عجز جسمه عن دفع أذاها . اما في حال الاختناق أو الحرق والغرق فان الدم تتكون فيه مواد ضارة كثيرة . والدم حرام عليكم أيضا : وكان العرب يأكلونه ويقدمونه لضيوفهم . كانوا يفصدون الحيوان ويحشون ما يسيل من عِرقِه في مصران يشوونه ثم يأكلونه ، وربما شربوا الدم طلباً للقوّة ، فحرمه الله . ولحم الخنزير : لأنه ضار وناقل للكثير من الأمراض الخطيرة ، ولا سيما في البلاد الحارة . وما أُهل به لغير الله : كان العرب يذبحون القرابين لأصنامهم وآلهتهم ويرفعون أصواتهم باسم آلهتهم . وهذا شرك وكفر . ثم يضع قاعدة جليلة هي اباحة هذه الممنوعات عند الضرورة ، فالضرورات تبيح المحظورات . ولذلك قال تعالى : { فَمَنِ ٱضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاۤ إِثْمَ عَلَيْهِ } فمن أُلجىء الى أكل شيء مما حرم الله بأن لم يجد غيره وخاف على نفسه الهلاك جوعاً ، ولم يكن راغباً فيه لذاته ، ولم يتجاوز قدر الحاجة فلا اثم عليه ان الله غفور رحيم .