Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 220-220)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
العنت : المشقة . لأعنتكم : لأوقعكم في مشقة . ويسألونك يا محمد بشأن اليتامى وما يوجبه الاسلام حيالهم ، فقل : الخير لكم ولهم في اصلاحهم ، فضموهم الى بيوتكم ، وخالطوهم بقصد الاصلاح ، فهو اخوانكم . ان اليتيم طفل فقد أباه ، والعائلَ الذي يرعاه ، فما احوجه الى عناية رؤوم تنتشلُه وتجعل له متنفّساً يسرّي به عن نفسه ! وما أحوجه الى تشريع حكيم ، ووصية من رب رحيم تحفظ عليه نفسه ، وله مالَه ، وتعدّه كي يكون رجلاً عاملا في الحياة . ولقد كان بعض الاوصياء يخلطون طعام اليتامى بطعامهم ، وأموالهم بأموالهم للتجارة فيها جميعا ، وكان الغبن يقع احيانا على اليتامى ، فنزلت الآيات في التخويف من أكل أموال الأيتام . مثل { وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ ٱلْيَتِيمِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } . وآية { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلْيَتَامَىٰ } [ النساء : 10 ] . عندئذ تحرّج الأتقياء حتى عزلوا طعام اليتامى عن طعامهم ، فكان الرجل يكون في حجره اليتيم ، يقدِّم له الطعام من ماله فاذا فضّل شيء منه بقي له حتى يعاود ، أو يفسد فيُطرح . وهذا تشدد ليس من طبيعة الاسلام ، فجاء القرآن هنا ليرد المسلمين الى الاعتدال واليسر . فالاصلاح لليتامى خير من اعتزالهم ، والمخالطة لا حرج فيها اذا حققت الخير لليتيم . والله يعلم المفسد من المصلح ، فليس المعوَّل عليه هو ظاهر العمل وشكله ، بل النيَّةُ فيه وثمرته . ولو شاء الله لشقَّ عليكم فألزمكم رعاية اليتامى من غير ان تخالطوهم لكنهم اذ ذاك ينشأون على بعض الجماعة . ويكون ذلك افسادا لجماعتكم وإعناتاً لكم … والله لا يريد إحراج المسلمين ولا المشقة عليهم فيما يكلفهم . وهو عزيز غالب على امره ، حكيم لا يشرّع الا ما فيه مصلحتكم . والحكمة في وصل السؤال عن اليتامى بالسؤال عن الانفاق ، وبالسؤال عن الخمر والميسر ، ان السؤالين الأولين بيّنا حال طائفتين من الناس في بذلهم وانفاقهم ، فناسبَ ان يذكر بعدها السؤال عن طائفة هي أحق الناس للإنفاق عليها ، واصلاح شؤونها ، وهم اليتامى . وكأن الله تعالى يذكّرنا بأنه حين مخالطتهم واصلاح امورهم يجب ان تكون النفقة من العفو الزائد على حاجتنا من أموالنا ، ولا ينبغي ان نعكس ذلك ونطمع في أموالهم .