Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 285-286)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

غفرانك : نطلب مغفرتك ، الا وسعها : الا طاقتها . كسبت واكتسبت : الفرق بينهما ان كسبت تستعمل في الخير ، واكتسبت في الشر . إصرا : حِملا ثقيلا ، وهي التكاليف الشاقة التي كانت تفرض على الأمم السابقة لكثرة عنادها وتشددها . مولانا : مالكنا ومتولي أمورنا . بهاتين الآيتين الكريمتين تُختتم هذه السورة الكبيرة التي هي أطول سورة في القرآن . وهما تمثلان بذاتهما تلخيصاً وافياً لأعظم قطاعات السورة يصلح ختاماً لها متناسقاً مع موضوعاتها وجوّها وأهدافها . فقد افتتح سبحانه هذه السورة العظيمة ببيان أن القرآن لا ريب فيه وانه هدى للمتقين ، وبيّن صفات هؤلاء ، وأصول الايمان التي أخذوا بها ، ثم ذكر الكافرين والمنافقين ، ثم أرشد الى كثير من الاحكام كما قدمنا في أول السورة . وهنا اختتم السورة بالشهادة للرسول وللمؤمنين ، كما لقّنهم من الدعاء ما يرضيه ويطهرُ نفوسهم من الأدناس . واخيرا وصلوا الى طريق السعادة ، وفازوا بخير الدارين … وهذا منتهى الكمال الانساني وغاية ما تصبوا اليه نفوس البشر . آمن الرسول بما جاء به الوحي من عند الله ، وآمن معه المؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله . ومن فضيلة هذا الدين ان المؤمنين به يحترمون جميع الأنبياء والرسل لا يفرّقون بين أحد منهم ، وهذه ميزة لهم على غيرهم من أهل الكتاب الذين يقولون : نؤمن ببعضٍ ونكفر ببعض . ويقول المسلمون : لقد بلّغنا الرسولُ الكريم تنزيل الله المحكم ، واستجبنا لما فيه وأطعنا أوامره ، فاغفر لنا ربّنا ذنوبنا ، اليك وحدك المرجع والمآب . وقد منّ الله على المؤمنين حيث قال : { لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } ، اي لا يكلف عباده الا ما يطيقون ، فضلا منه ورحمة ؛ فلكل نفس ما كسبت من قول أو فعل ، وعليها ضرّ ما اكتسبت من شر . ثم علّم الله المؤمنين كلمات يدعونه بها ترفع عنهم الحرج ، وتخفف عنهم عبء الخطأ والنسيان فقال : قولوا ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا ، ولا تشدّد علينا فتكلّفنا ما يشق علينا كما شدّدت على بني اسرائيل بسبب تعنتهم وظلمهم . ربنا لا تحمّلنا ما يشق علينا من الأحكام والتكاليف ، واعفُ عنا بكرمك ، واغفر لنا بفضلك ، وارحمنا برحمتك التي وسعت كل شيء ، إنك انت مالكنا ومتولي أمورنا فانصرنا يا ربنا على القوم الكافرين حتى نقوم بنشر دينك وإعلاء كلمتك . وقد روى الطبراني في آخر هذه السورة عن ابن عباس ان رسول الله عند قراءة هذه الآية قال " ان الله تعالى يقول قد فعلت ، أي عفوتُ عنكم وغفرت لكم ورحمتكم ونصرتكم على الكافرين ، فأعطيتُ هذه الأمة خواتيم سورة لم تعطَها الأمم قبلها " فاذا اتخذ المسلمون العدّة ، وقاموا ببذل الوسع في استكمال الوسائل التي أرشد اليها المولى سبحانه ، فانه يستجيب دعوتهم وينصرهم على اعدائهم . فلقد ورد في الأثر ان هذه الأمة لا تغلب من قلّة ، لكنها قد تغلب لعدم قيام وُلاتها بالحق ، وغفلة شعوبها عن واجباتهم . نسأل الله تعالى ان يوفقنا الى العمل الصادق بكتابه وسنته وأن يجمع شملنا ، ويوحد كلمتنا ، إنه نعم المولى ونعم النصير .