Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 78-82)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الحرث : الزرع . نفشت فيه غنم القوم : رعته الغنم في الليل بلا راع . صَنعة لَبوس : الدروع من الحديد . لتحصِنكم : لتحفظكم . من بأسكم : من حربكم ، والبأس هي الحرب . الأرض التي باركنا فيها : أرض الشام . من يغوصون : الذين يغوصون الى قاع البحر ليُخرجوا ما به من كنوز ثمينة . عملاً دون ذلك : غير ذلك من بناء المدن والقصور والصناعات . { وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي ٱلْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ ٱلْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ } . اذكر أيها الرسول نبأ داود وسليمان حين حكما في الزرع الذي رعته غنمٌ لقومٍ آخرين غير صاحب الزرع فأفسدتْه ، وكان ربك شاهداً عليماً بما حكم به داود وسليمان . { فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً } وقد فهّمنا سليمانَ الحكم الصوابَ وآتيناه الحكمة والعلم جميعا . وقصة الحكم : أن غنماً رعت في زرع بالليل فأفسدته ، فقضى داود بأن صاحب الزرع يأخذ الغنم مقابل زرعه . فلما علم سليمان بالحكم ، قال : الحكم ان تبقى الغنم مع صاحب الزرع ينتفع بلبنها وصوفها ، ويكلَّف صاحبُ الغنم بأن يحرث الارض ويزرعها حتى اذا استوى الزرع سلّمه الى صاحبه واسترد غنمه . وكان هذا الحكم هو الصواب . ولما علم داود بالحكم استحسنه وأمضاه . { وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ ٱلْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَٱلطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } وسخّرنا الجبال والطير لداود يسبِّحن معه بتسبيحٍ لا يسمعه البشرَ ، وكنا فاعلين ذلك بقدرتنا . وهذا التسبيح لا نفهمه نحن . وفي سورة الإسراء الآية 45 ، { وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ } فعلماؤنا الأقدمون كانوا يقولون ان هذا التسبيح مَجازي ، وذلك لعدم معرفتهم . وكيف يكون مجازياً ، واللهُ تعالى في عدد من الآيات يحدّثنا عن تسبيح الكون والذرّات وكل شيء للخالق العظيم ! ! يقول الدكتور عماد الدين خليل في مجلة العربي العدد 259 رجب 1400 حزيران 1980 . " واننا لنقف هنا خاشعين أمام واحد من جوانب الإعجاز القرآني ، تلك المجموعة من الآيات الكريمة التي تحدثنا عن تسبيح الكون والذرات للخالق العظيم ، من سورة الحشر والصف والاسراء … ان التسبيح ها هنا لا يقتصر على كون الذرات والاجسام الفضائية تخضع للنواميس التي وضعها الله فيها ، فهي تسبّح بحمد الله سبحانه ، فهنالك ما هو أبعد من هذا وأقرب الى مفهوم التسبيح الحي أو التقديس الواعي . إن هذه الأشياء المادية تملك ارواحاً ، وهي تمارس تسبيحها وتقديسها بالروح وربما بالوعي الذي لا نستطيع استيعاب ماهيته . وان هذا ليقودنا الى مقولة " اوينقتون " : " ان مادّة العالم هذه مادة عقلية " ، كما يقودنا الى الآية الكريمة { وَلَـٰكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ … } . { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ } . وعلّمنا داودَ صنعة الدروع لتكون لباساً يمنعكم في الحرب ويَقيكم من شدّة بعضكم لبعض فاشكروا الله على هذه النِعم التي أنعم بها عليكم . وهذه حقيقة واقعة ، وذلك ان الحديد استُعمل في عصر داود في صناعة الدروع . قراءات : قرأ ابن عامر وحفص : لتحصنكم بالتاء ، وقرأ ابو بكر : لنحصنكم بالنون ، والباقون : ليحصنكم بالياء . { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ } . وسخّرنا لسليمانَ الريحَ عاصفة شديدة الهبوب تارة وليّنةً رُخاءً تارة أخرى ، تجري بحسب رغبته الى أي بقعة في أرض الشام المباركة ، وكنّا بكل شيء عالمين ، لا تغيب عنا صغيرة ولا كبيرة . { وَمِنَ ٱلشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذٰلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } وسخّرنا لسليمان من الشياطين من يغوصون له في الماء الى أعماق البحار ، ليستخرجوا له اللؤلؤ والمرجان ، ويعملون له ما يريد من بناء الحصون والقصور والمحاريب والتماثيل كما جاء في سورة سبأ 12 { يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَآءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَٱلْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ } { وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ } من التمرّد على أمر سليمان ، فهم لا ينالون أحداً بسوء .