Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 8-14)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بغير علم : بغير معرفة ولا مشاهدة حسّية . ولا هدى : ولا نظرٍ صحيح ولا عقل . ولا كتاب منير : ولا وحي . ثاني عطفه : جاء متكبرا مختالا . على حرف : على ناحية معينة ، اذا رأى شيئا لا يعجبه عَدَل عنه . وأصل معنى الحرف الطرَف ، وله معان كثيرة . فان أصابه خير : مالٌ وكثرة في الولد . فتنة : بلاءٌ ومحنة في نفسه او أهله او ماله . انقلب على وجهه : ارتد عن دينه . خسر الدنيا والآخرة : ضيّعهما . يدعو من دون الله ما لا يضره … : يعبد غير الله . المولى : الناصر . العشير : الصاحب المعاشر . { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } . ومع كل هذه الأدلة الواضحةِ فإن بعضَ الناس يجادل في الله وقدرته ، وينكر البعثَ بغير معرفة ، ولا برهان عقليّ على ما يقول ، ولا وحي من عند الله ينير صحته . { ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } تراه متكبراً مختالا بين الناس ، مُعْرِضا عن قبول الحق ، ليصدّ المؤمنين عن دينهم … وهذا الصنفُ من الناس له في هذه الدنيا هوان وخِزي ، وسيصلَى في الآخرة عذاب الجحيم . قراءات قرأ ابن كثير وابو عمرو ورويس : ليَضِل بفتح الياء ، والباقون : ليُضل بضم الياء . ثُم يبيّن الله سبب هذا الخزي المعجَّلِ والعذابِ المؤجل فقال : { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلعَبِيدِ } . ويقال لهذا المتكبر المختال الضال : ذلك الذي تلقاه من خزي وعذاب بسببِ ضلالك وكبريائك ، واللهُ لا يظلم أحدا . { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلآُخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } ومن الناس نوعٌ آخر لم يتمكن الإيمان من قلبه ، فهو كأنه واقف على طرف غير ثابتٍ على حال ، فهو مزعزع العقيدة ، مضطرِب مذبذَب ، يعبد الله على وجه التجربة . فان اصابه خيرٌ بقي مؤمنا ، وإن أصابه شر من مرض او ضياعِ مال او فقد ولد - ترك دينه وارتدّ كافرا . خسِر الدنيا والآخرة … فخسر في الدنيا راحةَ البال والاطمئنان الى قضاء الله ، كما خسر في الآخرة النعيم الذي وَعَدَ الله المؤمنين به . وذلك هو الخسران الذي لا خسران مثله . { يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } . ان مثلَ هذا يعبد من دون الله أصناماً لا تضره ولا تنفعه . وأيُّ ضلالٍ وخسران اكبر من هذا الضلال ، وابعد عن الهدى ! ! { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ } . يدعو من دون الله من ضررُه أقربُ من نفعه ، لبئس ذلك المولى ناصراً ، ولبئس ذلك المعبودُ من صاحبٍ معاشر لا فائدة منه . . فأيُّ ناصرٍ ذلك الذي لا ينفع ولا يضر ! ! . بعد ان بين الله حال المشركين الضالين وما يعبدون من دون الله ، ومصيرهم في الآخرة ذَكَر هنا ما يدّخره للمؤمنين ، وهو خيرٌ من عَرَضِ الحياة الدنيا كله فقال : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } . ان الله يتفضّل على المؤمنين الذين عملوا صالح الأعمال ، ويكافئهم لقاءَ إحسانهم ، بدخول جناته التي تجري من تحت اشجارها الأنهار بسبب صدقهم وايمانهم وما قاموا به من جليل الاعمال . { إِنَّ ٱللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } من اكرامِ من يطيعه ، وإهانةِ من يعصيه ، ولا رادّ لحكمه ، ولا مانع لقضائه .