Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 18-22)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بقدَر : بمقدار معلوم . فأسكناه في الارض : جعلناه ثابتا فيها . على ذهاب به : على ازالته واعدامه . وشجرة تخرج من طور سيناء : الشجرة هي الزيتونة . طور سيناء : هو الجبل الذي ناجى فيه موسى ربه ، وهو معروف الآن باسم جبل الطور في سيناء ، ويسمى طور سينين . الصبغ : ما يؤتدم به الاكل ، وهو الزيت يؤكل مع الخبز ، ويستعمل في كثير من الطعام . وكان في الزمن الماضي يستعمل للانارة ، وكان زيت الزيتون هو بترول العالم في الزمن القديم ، ولا يزال محتفظا بقيمته . { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ } وأنزلنا من السماء ماءً موزَّعا بتقديرٍ لائق حكيم ، لاستجلاب المنافع ودفعِ المضارّ ، وجعلناه يستقرّ في جوف الأرض وعلى ظهرها ، في محيطاتها وبحارها والأنهار التي تجري فيها ، وتكفي لسقي الزروع وللشرب ، ولحدوث التوازن الحراري المناسب في هذا الكوكب . كما ان المياه أُنزلت على الأرض بقَدَرٍ معلوم ، لا يزيد فيغطي كلَّ سطحِها ، ولا يقلّ فيقصّرُ دون ريّ الجزء البريّ منها . وإنا لقادرون على إزالته ونفي إمكانكم الانتفاعَ به ، ولكنّنا لن نفعل رحمةً بكم . وهذا من فضلِ الله على الناس ونعمته . ثم يبين ان الحياة تنشأ من الماء فيقول : { فَأَنشَأْنَا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ لَّكُمْ فِيهَا فَوَاكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ } فأخرجْنا لكم بما أنزلنا من الماء بساتينَ وحدائقَ فيها نخيلٌ وأعناب وفواكهُ كثيرة تتمتعون بها زيادة على ثمرات النخيل والاعناب . ومن زروع هذه الجنّات وثمارِها تأكلون ، وتحصِّلون معايشكم . ثم خصَّ شجرةَ الزيتون بالذكر لما لها من المنافع والقدر الكبير فقال : { وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلآكِلِيِنَ } وخلقنا لكم شجرة الزيتون التي تنبت في منطقة طورِ سيناء ، وهي من اكثر الشجَر فائدةً بزيتها وزيتونها وخشَبها ، وفيها طعامٌ للناس . والزيتونة تعمر طويلاً ، ولا تحتاج إلى خدمة كثيرة ، وهي دائمة الخضرة . ويعتبر الزيتون مادة غذائية جيدة ، فيه نسبةٌ كبيرة من البروتين ، بالاضافة الى عدة موادّ هامة وأساسية في غذاء الانسان . وزيتُ الزيتون من أهم أنواع الدهون ، وهو يُستعمل في كثير من أنواع الطعام ، لأنه يفيدُ الجهاز الهضمي عامة ، والكبدَ خاصة . وهو يفضُل جميع أنواع الدهون النباتية والحيوانية ، ويُستعمل في كثير من الأدوية والمنظِّفات مثل الصابون والصناعات الغذائية . وفي الحديث الشريف : " كلوا الزيتَ وادّهنوا به فإنه من شجرةٍ مباركة " رواه احمد والترمذي وابن ماجه عن سيدنا عمر بن الخطاب ، والحاكمُ عن أبي هريرة . وبعد ان بيّن لنا فوائد النبات انتقل الى عالم الحيوان ، وكل هذه المخلوقات إنّما نشأت من الماء . { وَإِنَّ لَكُمْ فِي ٱلأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُمْ مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فيِهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ } . وان لكم في خلْق الأنعام لخِدمتكم لعبرةً لمن ينظر إليها بقلبٍ مفتوح وحسن بَصيرة . فهذه الإبلُ والبقر والغنم نسقيكم لبناً منها خالصاً سائغاً للشاربين ، ولكم فيها منافعُ في أَصوافها وأوبارِها واشعارها . ثم يخصِّص منها منفعتين كبيرتين مهمّتين فيقول : { وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وَعَلَى ٱلْفُلْكِ تُحْمَلُونَ } فكما أنكم تنتفعون بألبانها وأوبارها وأشعارِها ، كذلك تأكلون من لُحومها ، وتُحمَلون عليها وعلى الفلك التي تجري في البحر . وقد ذكر الفلكَ هنا لأنه يجري على الماء الذي تفضّل الله علينا به . وكل هذه من دلائل الإيمان الكونية ، لمن يتدبرها تدبُّرَ الفهم والادراك . قراءات : قرأ ابن كثير ونافع وابو عمرو : سيناء بكسر السين ، والباقون : سيناء بفتح السين وهما لغتان . وقرأ ابن كثير وابو عمرو : " تنبت " بضم التاء وكسر الباء . والباقون : تنبت بفتح التاء وضم الباء . وقرأ ابن كثير وابو عمرو : نسقيكم بفتح النون ، والباقون : نسقيكم بضمها . وهما لغتان : سَقى وأسقى .