Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 56-61)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نتخطف : نسلب بلدنا ونقتل . يُجبى اليه : يجلب اليه . بطِرت معيشتَها : بغت وتجبّرت وكفرت بالنعمة . أمها : اكبرها ، عاصمتها . من المحضَرين : الذين يحشرون للحساب والجزاء . وقد تكرر هذا التعبير في القرآن : { لَكُنتُ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } [ الصافات : 57 ] . { فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } [ الصافات : 127 ] { فَأُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ } [ الروم : 16 ] [ سبأ : 38 ] . { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } يقرر جمهور المفسرين ان هذه الآية نزلت في ابي طالب ، فقد ورد في الصحيحين أنها نزلت فيه . وروي عن ابن عباس وابن عمر ومجاهد والشعبي وقتادة أنها نزلت في أبي طالب . ففي الصحيحين من حديث الزهري عن سعيد بن المسيّب : " لما حضرتْ أبا طالبٍ الوفاةُ جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبدَ الله بن أمية بن المغيرة ، فقال رسول الله : يا عم ، قل لا اله الا الله ، كلمة أحاجّ لك بها عند الله . فقال ابو جهل وعبد الله بن امية : يا أبا طالب ، أترغبُ عن ملّة عبد المطلب ؟ . فكان آخر ما قال : انه على ملة عبد المطلب " وعند الشيعة الامامية الاجماع على ان ابا طالب مات مسلما ، والله أعلم . ومعنى الآية : انك لا تستطيع هداية من أحببتَ من قومك او غيرهم ، وانما عليك البلاغ ، واللهُ يهدي من يشاء ، وله الحكمة البالغة في ذلك . { وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } . ثم اخبر سبحانه عن اعتذار كفار قريش في عدم اتّباعهم الهدى فقال : { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَآ } وقال مشركو مكة : إننا نخشى إن اتبعناك على دينك وخالفنا من حولنا من العرب ان يقصدونا بالأذى ، ويُجلونا عن ديارنا ، ويغلبونا على سلطاننا . وقد رد الله عليهم مقالتهم فقال : { أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقاً مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } إن ما اعتذرتم به غيرُ صحيح ، فقد كنتم آمنين في حرمي ، تأكلون رزقي ، وتعبدون غيري ، افتخافون اذا عبدتموني وآمنتم بي ؟ وقد تفضّل عليكم ربك وأطعمكم من كل الثمرات التي تُجلَب من فِجاج الارض . ولكن اكثرهم جهلةٌ لا يعلمون ما فيه خيرهم وسعادتهم . قراءات قرأ الجمهور : يُجبى بالياء وقرأ نافع : تُجبى بالتاء . { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ ٱلْوَارِثِينَ } وكثير من القرى أثرى أهلُها فبطِروا وأفسدوا في الأرض فخرّب الله ديارهم واصبحت خاوية لم يسكنها أحدٌ بعدهم الا فترات عابرةً للمارين بها ، وورثها الله جل جلاله . ومثلُه قوله تعالى : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ } [ هود : 117 ] . ثم اخبر سبحانه عن عدله وانه لا يُهلك أحدا الا بعد الإنذار وقيام الحجّة بارسال الرسل فقال : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي ٱلْقُرَىٰ إِلاَّ وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ } ليست سنّة الله وعدله ان يُهلك القرى حتى يبعثَ في كُبراها رسولاً يتلو عيلهم الآياتِ ويدعوهم الى الله ، ولا يمكن ان نهلك القرى والمدنَ الا اذا استمر أهلُها على الظلم والفساد والاعتداء . { وَمَآ أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } ؟ وما أُعطيتم أيها الناس من أعراضِ الدنيا وزينتِها من الأموال والاولاد إلا مجرد متاعٍ محدود تتمتعون به في هذه الحياة ، أما الذي عند الله فهو خيرٌ من ذلك وأبقى لأهل طاعته من ذلك كله . { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أيها الناس وتتدبرون اموركم فتعرفون الخير من الشر ! ؟ قراءات قرأ ابو عمرو : يعقلون بالياء . والباقون : تعقلون بالتاء . { أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاَقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ مِنَ ٱلْمُحْضَرِينَ } ؟ هل يستوي المؤمن الذي وعدَه الله السعادةَ والنصر ثم يوم القيامة يدخله الجنة ، مع الكافر الذي أعطاه الله الرزقَ الكثير وتمتّع في حياته ، ثم هو يوم القيامة من المحضَرين للحساب والجزاء ، الهالكين في النار ! ! انهما لا يستويان .