Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 32, Ayat: 15-22)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ذُكّروا بها : وعظوا بها . خرّوا : سقطوا ساجدين . تتجافى : تبتعد . جنوبهم : جوانب اجسامهم . المضاجع : فرش النوم . أُخفي لهم : خُبِّىءَ لهم . من قرة أعين : من الأشياء النفيسة التي تفرح بها الأنفس والاعين . المأوى : المسكن الذي نأوي اليه . نزلا بما كانوا يعملون : ضيافة منا لهم على اعمالهم الصالحة . الأدنى : عذاب الدنيا . الاكبر : عذاب الآخرة . بعد ان صوّر حالَ المجرمين يوم القيامة ، وذكر ما يلاقونه من العذاب المهين - أتى بالصورة المقابلة ، صورة المؤمنين الذين يسبّحون بحمد ربهم ويسجدون له عند ذكر آياته ، فهؤلاء لهم عنده الجزاء العظيم . وعند قوله تعالى { وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } موضع سجدة . ان الذين يؤمنون بآيات الله يَقَعون ساجدين حين يُوعَظون بها ، ويسبّحون الله ويحمدونه في سجودهم . وهم يقومون لله في الليل متهجّدين مبتعدين عن مكان نومهم يدعون الله خوفاً من عذابه ، وطمعاً في ثوابه . كما ينفقون مما رزقهم الله من الأموال في وجوه البر ، ويؤدون حقوقه التي أوجبها عليهم . قال أنس بن مالك رضي الله عنه : نزلتْ فينا معاشرَ الأنصار ، كنا نصلي المغرب ، فلا نرجع الى رحالنا حتى نصلّي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم . والمعنى عام يعم جميع المؤمنين في كل زمان ومكان . ولذلك يقول الله تعالى : { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } فلا تعلم نفس مقدار ما أعدّه الله وأخفاه لهؤلاء المؤمنين من النعيم المقيم الذي تقر به أعينهم ، جزاء بما كانوا يعملون . وانه لجزاء عظيم ، واكرام آلهيّ ، وحفاوة ربانية بهذه النفوس المؤمنة . { أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً ؟ لاَّ يَسْتَوُونَ … } يبين الله تعالى في هذه الآيات مبدأ الجزاءِ العادل ، الذي يفرق بين المسيئين والمحسنين في الدنيا والآخرة على أساس العدل . كيف يستوي الناس في مجازاتهم وقد اختلفوا في أعمالهم ! ! لا يستوي المؤمن المصدق بالله مع الكافر الجاحد العاصي . كما قال تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } سورة [ ص : 28 ] . ام الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى التي فيها مساكنهم ، ضيافةً منا لهم جزاء أعمالهم الصالحة . واما الذين فسقوا وخرجوا عن طاعة الله فمقامهم في النار ، كلما حاولوا الخروجَ منها أُعيدوا فيها ، ثم يقال لهم : ذوقوا عذاب النار الذي كنتم تكذّبون به في الدنيا . { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَدْنَىٰ دُونَ ٱلْعَذَابِ ٱلأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } ان الله تعالى لا يحب ان يعذب عباده اذا لم يستحقوا العذاب ، وهو يقسِم هنا بأنه سوف يعذّبهم في الدنيا لعلهم يتوبون وتستيقظ فطرتهم ، أما اذا أصرّوا على الكفر والعناد فإن العذاب الاكبر ينتظرهم يوم القيامة . { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَآ إِنَّا مِنَ ٱلْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ } ليس هناك من هو أظلمُ ممن ذكّروا بآيات ربهم وحُججه البينات ثم انصرفوا عنها ولم يؤمنوا بها ، وهؤلاء ينالون اشد العذاب ويستحقون الانتقام من العزيز الجبار . قراءات : قرأ حمزة ويعقوب : ما اخفي لهم باسكان الياء والباقون : اخفيَ بفتحها .