Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 36, Ayat: 77-83)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أولم ير : أولم يعلم . الخصم : الشديد الخصومة والجدل . رميم : البالي من كل شيء . ملكوت : الملك التام ، كالجبروت والرحموت . في آخر هذه السورة الكريمة يَرِدُ ختامها بالأدلة على قدرة الله تعالى على إعادة الخلق ، فانه تعالى خَلَق للانسان النعمَ التي لا تحصَى ليشكر ، فكفر وجحد … ألا يَستدل من أنكرَ البعثَ بسهولة المبدأ ! وأنا خلقناه من العدَم من شيء لا يُرى بالعين المجردة لصغرها فاذا هو يخاصم ويجادل ! ثم ضرب مثلا ينكر به قدرتنا على إحياء العظام بعد ان تبلى ، ونسيَ أنا خلقناه من العدم ! … { قَالَ مَن يُحيِي ٱلْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } قال مجاهد وعكرمة وعمرو بن الزبير وقتادة : " جاء أُبَيّ بن خلف ( وهو من كبار مشركي مكة ) الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي يده عظم يفتُّه بيده ويذروه في الهواء ويقول : أتزعم يا محمد ان الله يبعث هذا ؟ فقال الرسول الكريم : " نعم ، يُميتك الله ثم يبعثك ثم يحشُرك الى النار " ونزلت هذه الآية . ثم أمر الله تعالى رسوله الكريم ان يقول لهم : { قُلْ يُحْيِيهَا ٱلَّذِيۤ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } فالذي خلق هذا الخلق من البدء قادرٌ على إحيائه بعد موته . ثم ذكر دليلاً ثانيا يبطل إنكارهم فقال : { ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلشَّجَرِ ٱلأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَآ أَنتُم مِّنْه تُوقِدُونَ } ان من جعل لنا النار من الشجر الأخضر قادرٌ على ما يريد ، لا يمنعه شيء . ثم جاء بدليل ثالث على قدرته أعجبَ من سابقَيه فقال : { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ } فإن خلْقَ هذا الكون الكبير العجيب لهو أعظمُ واكبر من خلق الانسان واعادته ، كما قال تعالى : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ وَلَـٰكِنَّ أَكْـثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } [ غافر : 57 ] . ثم بين ما هو كالنتيجة لما سلف من تقرير واسع قدرته ، واثبات عظيم سلطانه فقال : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } . فالله سبحانه وتعالى يخلق كل ما يريد بلا كلفة ولا جهد ، وليس هناك صعوبة ، وليس هناك قريب ولا بعيد ، فعندما يأمر بالشيء يكون بلا توقف ولا تردد . وعندما اثبت لنفسه القدرة التامة والسلطة العامة نزّه نفسه عما وصفوه به ، فقال : { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } فتنزيهاً للذي بيدِه مقاليدُ كل شيء ، وبقدرته مُلْكُ كل شيءٍ ، واليه المرجع والمصير .