Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 30-40)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصافنات : جمع صافن من الخيل الأصائل ، وغالباً ما يقف على ثلاث قوائم ، ويرفع احدى يديه . الجياد : جمع جواد ، وهو السريع العدو ، كما ان الجواد من الناس هو السريع البذل والعطاء . حب الخير : حب الخيل . توارت : غابت عن الانظار . طفق : شرع . مسحاً بالسُّوق والاعناق : جعل يمسح أعناقها وسوقها ترفقاً بها وحباً لها . فتناه : ابتليناه . لا ينبغي لأحد بعدي : لا يليق بأحد بعدي . رخاء : لينة . حيث اصاب : حيث قصد وأراد . مقرّنين بالأصفاد : مربوطين بالسلاسل ، والاغلال . فامنن ، أعطِ . وامسك : امنع . ورزقنا داودَ ابنه سليمان ، وكان عبداً مطيعاً لربه يستحق كل ثناء ومدح . ومن أخباره انه عُرضت عليه الخيل الأصيلة بالعشيّ لينظر اليها ، ويُسرّ برؤيتها ، فأطال الوقوف عندها حتى اضاع وقت الصلاة ، فلام نفسه : { فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي } والخير هنا هو الخيل ، وهي من اجود المال عند العرب ، و { عَن ذِكْرِ رَبِّي } عن الصلاة ، حتى توارت الشمس بالحجاب . ثم امر بردّها اليه فأخذ يمسح أعناقها وسوقها ترفقاً بها وحباً لها . وقال بعض المفسرين انه أخذ يضرب سوقها واعناقها بالسيف . ومن الصعب ترجيح رواية على الأخرى ، ولكن ابن حزم لم يقبل رواية قتل الخيل . وكذلك الرازي والطبري ، بل رأوا انه أخذ يمسح اعناقها وسوقها ترفقاً بها وحبا لها . لقد امتحنّا سليمان فابتليناه بمرضٍ شديد فألقيناه جسدا على كرسيه لا يستطيع تدبير الأمور ، فتنبّه الى هذا الامتحان ، فرجع الى الله تعالى ، وتاب ثم اناب ، ودعا ربه بقوله { رَبِّ ٱغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاَّ يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّن بَعْدِيۤ } انك انت الكثير العطاء . وهنا عند قوله تعالى : { وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَىٰ كُرْسِيِّهِ جَسَداً } تكلم المفسرون كلاما كثيرا وكله من الاسرائيليات لا صحة له ، فأعرضنا عنه . ثم اخبر اللهُ بانه أجاب دعاءه ووفقه لما اراد وعدّد نعمه عليه فقال : { فَسَخَّرْنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَآءً حَيْثُ أَصَابَ } فذللّنا له الريح تجري حسب مشيئته ، رطبة هينة ، الى اي جهة قصد . وتقدم في سورة سبأ : { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } . وفي سورة الانبياء : { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ … } [ الانبياء : 81 ] . وذلّّلنا له كل بناء في الارض ، وغوّاص في أعماق البحار من الشياطين الأقوياء ، حتى إنه قَرَنَ قسماً من الشياطين المتمردين في السلاسل والقيود ، ليكفّ شرهم عن الناس . واوحى الله تعالى اليه بأن يتصرف في ملكه الواسع كما يشاء دون رقيب ولا حسيب فقال : { هَـٰذَا عَطَآؤُنَا فَٱمْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } هذا عطاؤنا الخاص بك ، فأعطِ من شئت وامنع من شئت ، غير محاسَب على شيء من ذلك . ثم بين ان له في الآخرة عند ربه مقاماً كريما في جنات النعيم بقوله : { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ } ومرجعٍ الينا .