Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 105-108)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بما أراك الله : بما عرّفك وأوحى إليك . خصيما : مخاصما ، مدافعا عنهم . يختانون أنفسهم : يخونونها . خوانا : كثير الخيانة . يستخفون : يستترون . يبيتون : يدبّرون ويزوّرون ، بيّت الأمر : دبره بالليل . نزلت هذه الآيات والتي بعدها إثر حادث سرقة قام به طعمة بن أبيرق ، الأنصاريُّ ، ثم ذهب مع بعض أقربائه الى النبيّ وقالوا : يا نبي الله ، صاحبنا بريء ، وانما الذي سرق الدرع فلانُ اليهودي . وقد وُجدت الدرع في بيت زيد بن السمين هذا فعلا . وعند ذاك برّأ الرسول الكريم طعمة ، وعذَره على رؤوس الاشهاد . ولما جاء صاحب الدرع المسروقة الى النبي يكلّمه في أمر السارق أنّبه النبيُّ وقال له : " عمدتَ الى أهل بيتٍ يُذكَر منهم إسلام وصَلاح وترميهم بالسرقة على غير ثبت ولا بيّنة ! " قال قتادة بن النعمان ، وهو من أقارب صاحب الدرع : لما سمعتُ ما قال الرسول الكريم رجعتُ ولَوددت أني خرجتُ من بعض مالي ولم أكلّم رسول الله في ذلك الأمر . فنزلت هذه الآيات تبيّن الحقيقة ، وكانت درساً قاسياً وعظيماً لإحقاق الحق والفصل في الأمر وابعاد الظلم عن اليهودي . وقد بيّن كتابُ الله أن الحق أحقُّ ان يُتبع … اذ ظهر بعدُ أن طعمة قد سرق الدرع ثم خبأها عند اليهودي . وبإنزال هذه الآيات أعطى الله درساً بليغاً للمسلمين فَحْواه أن مهمة هذا الدين تحقيق العدالة بين الناس جميعا ، لا يحابي مسلماً ولا يمالىء حاكما ولا شريفا . إنا أنزلنا إليك يا محمد هذا القرآن حقاً وصِدقاً كي تحكم بين الناس بما اعلمك الله به من الاحكام ، فلا تكن مدافعاً عن الخائنين ، ولا تتهاون في تحرّي الحق . واستغفر الله يا محمد مما يعرِض لك من شئون البشر وأحوالهم ، خشية ان تميل الى من تراه أقوى حجّةً من خصمه . وبعد ان شدّد سبحانه في ضرورة انقطاع الناس عن هذه الجرائم ، بيّن انه غفور لمن استغفره ، رحيم بعباده ، يقبل منهم التوبة والرجوع اليه دائماً . { وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ ٱلَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ } لا تدافع ايها النبي عن هؤلاء الخونة ولا تساعدهم ، فان الله لا يحب من اعتاد الخيانة ، وألفتْ نفسه اجتراح السيئات والكذب . ان هؤلاء يستترون بخياناتهم من الناس ، ولا يستترون من الله . لقد غفلوا عن أنه لا تخفى عليه خياناتهم ، بل بلغ من جهلهم انهم يدبرون التهم الباطلة للأبرياء علّهم يلقون بالجريمة عن ظهورهم . والله عليم بكل شيء ، محيط بالأسرار ، وهم تحت عينه وفي قبضته .