Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 123-125)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الأماني : ما يتمناه الانسان ، وغالبا ما تكون خيالاً لا حقيقة . ولياً : يلي أمره ويدافع عنه . نقيرا : شيئا تافها ، والنقير لغةً ما يكون على نواة التمرة . الحنيف : المستقيم لأنه مائل عن الزيغ والباطل . خليلاً : صديقاً محبا . يقرر سبحانه وتعالى في هذه الآيات الكريمة قاعدة الاسلام الكبرى في العمل والجزاء ، وهي : ان ميزان الثواب والعقاب ليس موكولاً الى الأمانّي بل الى أصل ثابت ، وسنّة لا تتخلّف . إنه قانون تستوي أمامه الأمم ، لا يحابي أحداً ، ولا تُخرق له القاعدة . ان صاحب السوء مجزيّ بالسوء ، وصاحب الحسنة مجزيّ بالحسنة . وليس فضلُ الدين وشرفه ولا نجاة اهله ان يقول القائل منهم : ان ديني أفضل وأكمل ، فالجزاء على قدر العمل ، لا بالتمني والغرور . انه ليس بما تتمنّون ايها المسلمون ، ولا بما يتمناه اليهود والنصارى . فالأديان لم تشرع للتفاخر والتباهي ، ولا تحصل فائدتها بمجرد الانتساب اليها دون العمل . انما النجاة من العذاب بالايمان والعمل الصالح . فمن يعمل عملاً سيئا يُجزَ به ، ولن يجد له وليّا غير الله يدفع عنه الجزاء ، ولا نصيرا ينقذه مما يحل به . ومن يعمل عملاً صالحاً ، سواء كان ذكرا او انثى ، وهو مطمئن القلب بالايمان يدخل الجنة ، لا يظلمه ربه شيئاً ولا يُنقص من عمله قليلاً او كثيرا . وقد أردف سبحانه بعد ذلك ذِكر درجات الكمال فبيّن : أن اساس عمل الخير منبعث من الاعتقاد السليم ، وانَّ أحسنَ الدين ان يُخلص المرءُ فيجعل وجهه وعقله ونفسه لله ، لا يطلب الا رضاه . بذلك تستقيم مداركه فيدرك رسالة الرسل . وقد عبّر سبحانه عن توجُّه الانسان لله بالوجه ، لأن الوجه أعظمُ مظهرٍ لما في النفس من إقبال واعراض ، وشرود وكآبة ، وذلك مرآة لما في السريرة . { واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ } أي المِلّة التي كان عليها إبراهيم في ابتعاده عن الوثنية وأهلها ، وعند سيدنا ابراهيم تلتقي الوحدة الدينية للمسلمين واليهود والنصارى ، فاتّبِعوا طريقَ من أكرمه الله فاتخذه خليلاً . وفي هذه الآية رد قاطع على كل من حدّثته نفسه بأنه هو أحسن من غيره ، أو دينه أحسنُ من دين غيره ، دون ان يعمل عملاً صالحا ويؤمن إيماناً كاملا . فقد كانت اليهود والنصارى يقولون : نحن أبناء الله وأحباؤه ، ودينُنا خير دين . ولعل فكرة الاستعلاء هذه راودت بعض المسلمين فقالوا نحن خير أمة أُخرجت للناس ، وأن الله متجاوز عما يقع منّا على أساس من ذلك … لقد جاء هذا النص يردّ هؤلاء وهؤلاء الى الصواب ، فهناك عند الله ميزان واحد هو إسلام الوجه لله ، مع الاحسان واتباع ملة ابراهيم . فأحسنُ الدين هو هذا الاسلام ، ملة ابراهيم ، واحسن العمل هو الاحسان ، والإحسانُ ان تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك .