Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 29-30)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اعتنى القرآن الكريم بالمال ، والمحافظة عليه ، والحث على تحصيله بطرق مشروعة ، في كثير من الآيات . وفي هذه السورة جاءت العناية بالأموال من أولها عندما طلبت العناية باليتامى وحفظ أموالهم ، ثم حذّرت من اعطاء السفهاء أموالهم . وهنا جاء النص واضحاً على العناية بالأموال والمحافظة عليها ، وذلك لأن الأموال عنصر لا بد منه في الحياة ، وهناك كثير من الأمور تتوقف عليها الحياة وسعادتها ، من علمٍ ، وصحة ، واتساع عمران ، لا سبيل للحصول عليها الا بالمال . ولا ريب ان الأموال هنا تشمل أموال الافراد وأموال الأمة لأنه تعالى قال : { وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَكُمْ } بمعنى انه يحرم على الافراد ان يأكل بعضهم مال بعض بالباطل . ومن ثم فإن أكل أموال الأمة أو وضعها في غير مصلحتها لهو أشد حرمة عند الله ، وأكبر جرماً في نظر الإنسانية . لذلك يجب ان نحافظ على أموال الأمة والدولة كما نحافظ على أموال الافراد . يا أيها الذين آمنوا لا يأخذ بعضكم مال بعض بغير حق ، وقال ( أموالكم ) فأضافها الى جميع الأمة تنبيهاً الى تكافل الأمة في الحقوق والمصالح كأن مال كل فرد هو مال الأمة جميعا . فاذا استباح أحدهم ان يأكل مال الآخر بالباطل : كالربا والقمار ، والرشوة والسرقة ، والغش والتسول ، وغير ذلك فقد اباح لغيره ان يأكل ماله . لقد اباح الله لكم التجارة بينكم عن طريق التراضي ، والعملَ الحِرفي في نواح عديدة من الكسب الحلال . ثم لما كان المال شقيق الروح ، فقد نُهينا عن اتلافه بالباطل كَنهْيِنا عن قتل النفس . { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ } . وهذه اشارة بليغة جداً تُبيّن انه : لمّا كان من شأن أكل أموال الناس بالباطل ان يغرس الحقد في القلوب ، وكثيرا ما يؤدي ذلك الى القتل والشر فقد قرنهما الشارع وجاء بهذا التعبير العظيم . ولا ريب في ان من سلب مال انسان إنما سلبه عنصراً هاماً من عناصر الحياة وصيّره في حكم المقتول . { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً } بنهيكم عن أكل الأموال بالباطل ، وعن قتل أنفسكم فتهلكون . اما من يُقدم على فعل ما حرم الله ونها عنه ، اعتداءً وتجاوزاً لحقه ، فسوف يكون جزاؤه يوم القيامة ناراً حامية وعذابا أليما . وعقابه هذا أمرٌ يسير على الله .