Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 88-90)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الفئة : الجماعة . أركسهم : ردهم الى حكم الكفرة ، واصل الرَّكس رد الشيء مقلوباً . تولّوا : أعرضوا . أولياء : نصراء ، جمع وليّ . ميثاق : عهد . حصرت صدروهم : ضاقت . السلم : الاستسلام . هذه أحكام في معاملة المسلمين لغيرهم ، وهي بعض القواعد التي أنشأها الاسلام لأول مرة في تاريخ البشرية وفي مجال المعاملات الدولية . وبفضْلها يُقيم المجتمع المسلم علاقاته مع غيره من المجتمعات الاخرى على اساس العدالة . وقد وردت هذه القواعد متفرقة في سور القرآن الكريم ، فحرص عليها المسلمون وطبقوها . أما غير المسلمين فإنهم بدأوا في سَنِّ القانون الدولي في القرن السابع عشر الميلادي ، أي بعد نزول القرآن بعشرة قرون . ومن المؤسف أن كانت جميع القوانين التي سُنّت والمنظمات التي أوجدت مجردَ أدواتٍ تختفي وراءها الأطماع الدولية ، لا أجهزة لإحقاق الحق . وأكبرُ شاهد على ذلك الآن هي المنظمة الدولية الكبرى " هيئة الأمم " ، فإنها لم تحلّ اية قضية ، ولم ترعَ حقاً من حقوق الأمم المهضومة ، بل ظلّت لعبة في يد الدول الاستعمارية لحماية مصالحها . والآية هنا تعالج قضايا المنافقين ، والذين يرتبطون بقوم بينهم وبين المسلمين ميثاق ، والمحايدين الذين تضيق صدورهم بحرب المسلمين أو بحرب قومهم وهم على دينهم ، والمتلاعبين بالعقيدة الذين يُظهرون الإسلام إذا قدِموا المدينة الكفرَ اذا عادوا الى مكة . مالكم ايها المسلمون حِرتم في المنافقين وانقسمتم فئتين لاختلافكم حول كفرهم ! ان الأدلة تتظاهر على ذلك فما يسوغ لكم ان تختلفوا في شأنهم أهم مؤمنون أم كافرون ؟ ولا بصدد وجوب قتلهم أم لا ؟ وهؤلاء الذين اختلف المسلمون في أمرهم هم فريق من المشركين كانوا يظهرون المودة للمسلمين وهم كاذبون . وكان المؤمنون في أمرهم فرقتين : واحدة ترى انهم يُعَدّون من الموالين ، فيجوز ان يستعان بهم على المشركين ، وأخرى ترى ان يعامَلوا كما يعاملُ غيرهم من المشركين . وقد حسم الله الخلاف في ذلك وأمر المسلمين ان يبتّوا في أمر كفرهم ، فإنه هو قد أركسهم . ومن ثم : كيف تختلفون أيها المسلمون في شأنهم واللهُ قد صرفهم عن الحق الذي أنتم عليه بما كسبوا من أعمال الشر والشِرك ! ليس في استطاعتكم هداية من قدّر الله ضلاله ، ولن تجدوا له طريقا الى الهداية على الإطلاق . إنكم تودّون هداية هؤلاء المنافقين فيما هم لا يقنعون منكم إلا بأن تكفروا مثلهم ، وحتى يُقضى على الاسلام الذي أنتم عليه … فاحذروا غوائل نفاقهم . { فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَآءَ … } اذا كانت هذه حالهم فلا تتخذوا منهم مناصرين لكم ، ولا تعتبروهم منكم حتى يؤمنوا ويهاجروا مجاهدين في سبيل الاسلام . بذلك تزول عنهم صفة النفاق . فإن أعرضوا عن ذلك ، وانضمّوا الى أعدائكم فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم . أياكم أن تتخذوا منهم ولياً يتولّى شيئاً من أموركم ، ولا نصيرا ينصركم على اعدائكم . ثم استثنى من هؤلاء الناس أولئك الّذين يتصلون بقوم معاهدين للمسلمين فيدخلون في عهدهم . كما استثنى الذين هم في حيرة من أمرهم ، قد وقفوا على الحياد ، مسالمين لا يقاتلون قومهم معكم ولا يقاتلونكم انتم فهؤلاء جميعا لا يجوز قتالهم . هذا هو مبدأ الاسلام كما جاء صريحا في قوله تعالى : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ } . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ } . لو شاء تعالى لجعلهم يحاربونكم ، ولكنه رحمَكم بأن صرفهم عن قتالكم . فإذا اعتزلوكم ولم يقاتلوكم فليس لكم من حق في الاعتداء علَيهم ، ولا يسوغ لكم قتالهم .