Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 11-17)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أمتّنا اثنتين ، وأحييتنا اثنتين : خلقتنا من العدم ، ثم أمتّنا بعد انقضاء آجالنا . وأحييتنا اثنتين : عند ميلادنا ، ويوم البعث يوم القيامة . يوم التلاق : يوم القيامة . بارزون : ظاهرون . ويقول الكافرون يوم القيامة : يا ربنا أمتّنا موتَتين : الأولى حين خلقْتَنا من العدم ، والثانية يوم توفّيتنا عند انقضاء أجلنا . وأحييتنا مرتين : مرة هي حياتنا الدنيا ، والثانية يوم بعثِنا هذا فاعترفنا أننا أنكرنا البعث وكفرنا وأذنبنا . ونحن الآن قادمون ، فهل من سبيل الى الخروج من النار ، ولك منا عهدَ الطاعة والامتثال ؟ فيجيبهم الله : لا . { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ } إنكم ان عدتم الى الدنيا فلن تؤمنوا ، فقد كفرتم بالله ، وآمنتم بالشركاء ، وهذا العذابُ الذي أنتم فيه من حُكم الله عليكم نتيجة لأعمالكم { فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } . هو الذي يريكم دلائل قدرته ، وينزل لكم من السماء ماءً يكون سببَ رزقكم ، لكنه لا يعتبر بتلك الآيات ويستدلّ بها على عظمة الخالقِ الأوحد الا من يُنيب إلى الله ويرجع اليه . ثم لما ذكر ما وجّههم اليه من الأدلة على وحدانيته - أمر عباده بالدعاء والتوجه اليه : { فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } فادعوا الله مخلصين له العبادةَ ولو كره الكافرون عبادتكم … ولن يرضوا عنكم ابدا . والدعاء عبادة ، وفي الحديث الصحيح : " ادعوا الله تباركَ وتعالى وأَنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءَ قلبٍ غافل لاهٍ " . ثم ذكر الله تعالى بعض صفاته بقوله : { رَفِيعُ ٱلدَّرَجَاتِ ذُو ٱلْعَرْشِ يُلْقِي ٱلرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ ٱلتَّلاَقِ } . فهو وحده صاحبُ المقام العالي ، وصاحب المُلك والسلطة المطلقة ، وهو الذي يلقي الوحيَ على من يشاء من رسُله . وسمّى الوحيَ روحاً لأنه روحٌ وحياة للبشر . وذلك لينذر هؤلاء الرسلُ الناسَ أنهم سيُبعثون يوم التلاقي ( وهو يوم القيامة ) حيث يتلاقون - في ذلك اليوم يبرزون مكشوفين ظاهرين لا يخفى على الله من أمرهم شيء ، ويسمعون نداءً رهيباً : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ ؟ } ويأتي الجواب الحاسم { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } . وفي ذلك اليوم يتضاءل المتكبرون ، ويقف الوجود كله خاشعاً ، والعباد كلهم خاضعين . في ذلك اليوم الرهيب يُثاب كلُّ عامل بعمله ، ويقال بوضوح : { لاَ ظُلْمَ ٱلْيَوْمَ } فإنه يوم الجزاء الحق ، ويوم العدل ، والقضاء الفصل ، وهذا كله يسير بسرعة { إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ } .