Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 49, Ayat: 1-5)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لا تقَدموا بين يدي الله ورسوله : لا تعجلوا بالأمر قبل ان يأمر به الله ورسوله . لا ترفعوا اصواتكم : غضّوها وتكلموا بهدوء ولين . امتحنَ الله قلوبهم : طهّرها ونقاها واخلصها للتقوى . الحجرات : مكان سكن النبي الكريم ، كان لكل زوجة حجرة ، بيت . من وراء الحجرات : من خارجها . يا أيها الذين آمنوا لا تعجَلوا بأي أمر قبل ان يقضيَ الله ورسوله لكم فيه ، فلا تقترحوا على الله ورسوله أي شيء قبل ان يقول الله ورسوله فيه ، واتقوا الله وراقِبوه خَشيةَ ان تقولوا ما لم يأذن لكم الله ورسوله به . ان الله سميع لما تقولون ، عليم بما تريدون . في هذه الآية الكريمة وما يليها تأديبٌ للصحابة وتعليم وتهذيب ، فقد طلَب الله اليهم ان ينقادوا لأوامر الله ونواهيه ، ولا يعجَلوا بقولٍ أو فعل قبل الرسول الكريم . ثم أدّبهم في الآية الثانية في الحديث والخطاب مع رسول الله ، وأن يوقّروه ، فلا يرفعوا أصواتَهم فوق صوت النبي إذا تكلم ، بل يخفِضوها ولا يتكلّموا معه كما يتكلم بعضهم مع بعض . وأن يتأدبوا في مخاطبته فلا تقولوا : يا محمد ، بل قولوا : يا نبيّ الله ، او يا رسول الله ، وبكل إجلال وتعظيم ، حتى لا تبطُل أعمالكم وانتم لا تشعرون . ثم نوه الله تعالى بتقواهم ، وغضّهم أصواتَهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعبير لطيف فقال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ ٱمْتَحَنَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ } . هنا يرغّبهم الله ويتلطف بهم بعد ذلك التحذير المخيف ، ويقول : ان الذين يخفضون اصواتهم في مجلس رسول الله ، إجلالاً له ، اولئك قد طهّر الله قلوبهم ونقّاها وأخلصَها للتقوى ، فلهم مغفرةٌ لذنوبهم ، واجر عظيم لتأدّبهم وغضّ اصواتهم وتقواهم . { إَنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُواْ حَتَّىٰ تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . كان الأعراب ( وهم قريبو عهد بالجاهلية ) اكثرهم جُفَاة يأتون الى المدينة فيجتمعون عند حجُرات ازواج رسول الله ، وينادونه بأصواتهم المزعجة : يا محمد ، اخرج الينا . وكان هذا في العام التاسع من الهجرة وهو عام " الوفود " لدخول الناس في دين الله افواجا . فكان ذلك يؤذي النبيَّ الكريم عليه الصلاة والسلام . فأدّبهم الله بهذا القرآن الكريم ، ووصفهم بأن أكثرهم لا يعقِلون ، ثم بين لهم ان النداء بهذا الجفاء منافٍ للأدب والتوقيرِ اللائق بشخص النبي الكريم ، وعلّمهم أن الأفضلَ لهم ان يصبروا وينتظروا حتى يخرجَ إليهم ، ثم أتبع ذلك قوله تعالى : { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . هذه السورة كما مرّ في المقدمة من أواخر السور نزولا ، وفيها على قِصَرها قواعدُ وتعاليم للمؤمنين ، وترسيخٌ لايمانهم ، وتأديبٌ لهم ليتهيأوا لقيادة العالم . والحجُرات التي ورد ذكرها في الآية الكريمة هي تسعُ حجرات كانت لكل زوجة حجرة من جريد النخل ، وعلى أبوابها المسوح من شعر أسود . وكانت غير مرتفعة يُتناول سقفها باليد ، وفي غاية البساطة . قال سعيد بن المسيب وهو اكبر التابعين في المدينة : وددتُ أنهم تركوها على حالها حتى يراها الناس بما فيها من البساطة ، فيروا ما اكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته ، فيكون ذلك مما يزهِّد الناسَ في التفاخُر والتكاثر . وقد أُدخلت هذه الحجرات في عهدِ الوليدِ بن عبد الملك بأمرِه في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى الناس لذلك . قراءات : قرأ يعقوب : لا تقدموا بفتح التاء والدال ، والباقون : لا تُقْدموا بضم التاء وكسر الدال المشدَّدة .