Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 106-108)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الشهادة : قول صادر عن علم حصل بالمشاهدة . ضربتم في الارض : سافرتم . تحبسونهما : تمسكونهما وتمنعونهما من الهروب . ارتبتم : شككتم في صدقهما فيما يُقِرَّانِ به . يرشدنا الله تعالى هنا الى اداء الشهادة بحقها ، بالوصية ، حتى لا يضيع حق من الحقوق على أصحابها ، فيقول : يا أيها الذين آمنوا : حينما تظهر على احد منكم علامة الموت ، ويريد ان يوصي بشيء ، فالشهادة بينكم على الوصية : أن يشهد اثنان عادلان من اقاربكم ، أو آخران من غيركم اذا كنتم في سفر . وعليكم ان تجمعوا هذين الشاهدين بعد أداء الصلاة التي يجتمع عليها الناس ، فيحلفان بالله قائلين : لا نستبدل باليمين عِوضاً ولو كان فيه نفع لنا او لأحد من أقاربنا ، ولا نخفي الشهادة التي أمرنا الله بأدائها … فاذا أخفينا الشهادة أو قلنا باطلاً حقَّ علينا عذابُ الله لأننا ظالمان . فان ظهر فيما بعد ان الشاهدين قد كذبا في شهادتهما او اخفيا شيئا ، فإن اثنين من اقرب المستحقين لتركة الميت ، هما أحقُّ أن يقفا مكان الشاهدَين بعد الصلاة ، ليحلفا بالله أن الشاهَدين قد كذبا ، وأن ذينك الرجلين لم يتّهما الشاهدين زورا وبهتاناً ، ولو فعلا فإنهما يكونان من الظالمين المستحقين عقاب من يظلم غيره . ان هذا التشريع اقرب الطرق الى ضمان أن يؤدي الشهود شهاداتهم صحيحة ، وذلك محافظة على حلفهم بالله ، وخوفا من فضيحتهم بظهور كذبهم ، حين يحلف الورثة لردِّ أيمانهم . راقبوا الله أيها المؤمنون في ايمانكم وأماناتكم ، واطيعوا احكامه راضين بها ، فان فيها مصالحكم ، ولا تخالفوها فتكونوا من الخارجين على الله ، والمطرودين من هدايته ، المستحقين لعاقبه . روى القرطبي في تفسيره قال : كان تميم الداري وعديّ بن بَداء رجُلين نصرانيّين يتّجران الى مكة في الجاهلية ، فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم حوّلا تجارتهما الى المدينة . فخرج بُدليل مولى عمرو بن العاص تاجراً حتى قدم المدينة ، فخرجوا جميعاً تجاراً الى الشام . حتى اذا كانوا ببعض الطريق اشتكى بُديل ، فكتب وصية بيده ثم دسها في متاعه وأوصى اليهما . فلما مات فتحا متاعه ، فأخذا منه جاماً من فضة عليه خيوط من ذهب ، وقدِما على أهله فدفعا اليهم متاعه . ففتح اهله المتاع فوجدوا كتابه وعهده . وفقدوا الجام فسألوهما عنه فقالوا : هذا الذي قبضنا منه ، فقالوا : هذا كتابه بيده . قالوا : ما كتمنا له شيئا . فترافعوا الى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية . فأمر رسول الله ان يستحلفوهما في دُبُر صلاة العصر . فحلفا ، ثم بعد ذلك ظهر الجام معهما ، فقال اهل بُديل : هذا من متاعه ، قالا : نعم ، لكنّنا اشتريناه منه ونسينا ان نذكره حين حلفْنا فكرهْنا ان نكذّب نفوسنا . فترافعوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية { فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً } فأمر النبي رجلَين من أهل الميت ان يحلفا على ما كتما وغيّبا ويستحقانه . قال تميم الداري : فلما أسلمتُ ، تأثّمت من ذلك ، فأتيت اهل بُديل وأخبرتهم الخبر ، وأديتُ اليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم ان عند صاحبي مثلها . فأتوا به الى رسول الله ، فسألهم البيّنةَ ، فلم يجدوا . فأمَرَهم ان يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه . فحلَف ، فأنزل الله عز وجلّ { يِا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } الآيات فقام عمرو بن العاص ورجلٌ آخر مهم فحلّفا ، فنُزعت خمسمائةُ درهمٍ من يد عدي بن بداء . وكان تميم يقول : صدق الله ورسوله ، أنا اخذت الإناء . ثم قال : يا رسول الله ، ان الله يُظهرك على أهل الأرض كلِّها فهَبْ لي قريةَ عَيْنون من بيت لحم . وهي القرية التي وُلد فيها عيسى ، فكتب له بها كتاباً ، فلمّا قدِم عمرَ الشامَ ِأتاه تميم بكتاب رسول الله . فقال عمر : أنا حاضِرٌ ذلك ، فدفعها إليه . قراءات : قرأ حفص والكسائي " استحق " بفتح التاء والحاء ، والباقون " استحق " بضم التاء وكسر الحاء ، وقرأ حمزة وأبو بكر " الأوّلين " بفتح الواو المشدَّدة وفتح النون ، والباقون " الأوليان " بالتثنية .