Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 49-50)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ان يفتنوك : ان يميلوا بك من الحق الى الباطل . يبغون : يريدون . نحن نأمرك أيها الرسول ان تحكم بينهم وفق شريعتك التي أنزلناها عليك ، فلا تتبع رغباتهم أبداً ، ولو لمصلحة في ذلك ، كتأليف قلوبهم وجذبهم الى الاسلام . فالحق لا يوصل اليه بطريق الباطل . واحذَرهم أن يميلوا بك من الحق الى الباطل ، كأن يصرفوك عما أُنزل اليك لتحكم بغيره . أَخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس قال : قال كعب بن أسد وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس من زعماء اليهود : اذهبوا بنا الى محمد لعلنا نفتنه عن دينه . فأتوه فقالوا : يا محمد ، إنك عرفت أنّا أحبار اليهود واشرافهم وساداتهم ، وأنّا إن اتّبعناك اتبَعنا اليهودَ ولم يخالفونا . وأن بيننا وبين قومنا خصومةً ، فنخاصمهم إليك فتقضي لنا عليهم ، ونؤمن لك ونصدّقك . فأبى الرسول ذلك ، فأنزل الله عز وجل فيه { وَأَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ … } الآية . فإن أعرضوا عن حكمك يا محمد بعد تحاكُمهم اليك ، فاعلم ان الله إنما يريد أن يصيبهم بفساد أمورهم ، لفسادِ نفوسهم ، بسبب ذنوبهم التي ارتكبوها ، ثم يجازيهم على أعمالهم في الآخرة . وهذا النص يسمو بالشرع الاسلامي عن غيره ، في الحكم بين الناس : أولا لأنه يسمو بالأحكام العادلة عن ان تكون تابعة لأوضاع الناس ، فهي حاكمة على أوضاع الناس بالخير والشر . وثانيا : لأنه جعل باب القانون في الدولة واحداً لكل الناس ولكل الطبقات . { أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } أيريد أولئك الخارجون عن أمر الله ونهيه ان يحكموا بأحكام الجاهلية التي لا عدل فيها ولا هدى ، بل الحِيل والمداهنة ! ! روي " ان بني النَّضِير ، من اليهود ، تحاكموا الى الرسول الكريم في خصومة كانت بينهم وبين بني قُريظة . وقد طلب بعضُهم ان يجري الحكم وفق ما كان عليه أهل الجاهلية من التفاضل وجعل دية القرظي ضعفَي دية النضيري . فقال عليه الصلاة والسلام : القتلى براء ، يعنى سواء . فقالوا : نحن لا نرضى بذلك . فأنزل الله تعالى هذه الآية توبيخاً لهم . اذ كيف لهم وهم أهل كتاب وعلم أن يبغوا حكم الجاهلية " قراءات : قرأ ابن عامر " تبغون " بالتاء .