Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 54-54)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
أذلّة على المؤمنين : متواضعون رحماء للمؤمنين . أعزّة على الكافرين : اشداء على الكافرين . كما قال تعالى في سورة الفتح { أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ } . بعد أن ذكر سبحانه أن من يتولّى الكافرين من دون الله يُعَدّ منهم ، بيّن هنا حقيقةً دعّمها بخبر من الغيب أظهرَهُ الزمن يومذاك ، وهي : أن بعض الذين آمنوا نفاقاً سيرتدّون عن الاسلام جهراً . يا أيها الذين آمنوا : إن من يرجع منكم عن الإيمان الى الكفر ، لن يضر الله قليلاً ولا كثيراً . فالله سوف يأتي بَدَلَهم بقومٍ خير منهم ، يحبّهم الله لأنهم يحبّونه ، فيوفقهم للهدى والطاعة . وسيكون هؤلاء ذوي تواضعٍ ورحمة بإخوانهم المؤمنين ، وفيهم شدةٌ على أعدائهم الكافرين ، يجاهدون في سبيل الله ، ولا يخشون في الله لومة لائم . وذلك فضلُ الله يمنحه لمن يشاء ممن يستحقونه ، والله كثير الفضل ، عليم بمن هو أهل له . في هذه الآية إخبار من الغيب ، فإنه لما قُبض الرسول صلّى الله عليه وسلم ارتدّ كثير من العرب . وكان المرتدّون فريقين : فريقاً ارتدّ عن الإسلام ، وفريقاً منع الزكاة . وكان قد ارتد في حياة النبي عليه الصلاة والسلام ، بنو مدلج ورئيسُهم ذو الخمار ، وهو الأَسود العنسي . وكان كاهناً تنبّأ باليمَن ، فأهلكه الله على يد فيروز الديلمي ، واخبر سول الله صلى الله عليه وسلم بقتله فسُرّ به ، وقُبض عليه السلام من الغد . وارتدّ مُسَيلمة ومعه بنو حنيفة ، وكتب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مسليمة رسولِ الله الى محمد رسولِ اللهِ ، سلام عليك : أما بعدُ فإني قد أُشْرِكتُ في الأمر معك ، وإنّ لنا نصفَ الأرض ولقُريش نصف الأرض ، ولكن قريشاً قوم يعتدون " . فكتب اليه النبي : " بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمدٍ رسول الله الى مسيلمة الكذّاب . السلامُ على من اتبع الهدى . أما بعد ، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين " . وحاربتْه جيوش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد ، وقتله وحشيُّ قاتلُ حمزة ، وكان يقول : " قتلتُ في جاهليّتي خير الناس ، وفي إسلامي شرَّ الناس " . وتنبأ طُليحة بن خويلد الأسدي ، وتبعه جمع غفير ، فهزمه خالد بن الوليد . وهرب طليحة الى الشام ثم اسلم فحسُن إسلامه . وتنبأت سَجاحُ بِنت المنذِر ، الكاهنة ، وزوَّجت نفسها من مسيلمة ، ولها قَصَص طويل في التاريخ ، ثم أسلمت بعد ذلك وحسُن اسلامها . وارتدّت سبع قبائل في عهد أبي بكر منهم : فَزارة ، وغطفان ، وبنو سليم ، وبنو يربوع ، وبعض بني تميم ، وكِندة ، وبنو بكر . وهؤلاء كلهم حاربهم أبو بكر يُناصره المهاجرون والأنصار ، وهزمهم جميعاً ، وهكذا ثبّت أبو بكر رضي الله عنه الإسلام بعزيمة صادقة ، وإيمان قويّ راسخ . وقد وصف الله هؤلاء المؤمنين بستّ صفات : بأن الله يحبّهم وهم يحبّونه . وأنهم أشدّاء على الكفار رحماء بينهم . وأنهم يجاهدون في سبيل الله بأنفسهم وأموالهم . وأنهم صادقون لا يخافون في الله لومة لائم . قراءات : قرأ نافع وابن عامر وأهل المدينة " من يرتدد " بدالين ، والباقون " من يرتد " بإدغام الدالين .