Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 72-75)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
بعد ان جادل الكتابُ اليهود ، وعدّد مخالفاتهم لصُلْب ديانتهم ، ونقضَهم المواثيق والعهود ، شرع هنا يفصّل ما عمله النصارى من تحريف في عقيدتهم . إن الذين ادّعوا أن الله هو المسيح بن مريم قد كفروا وضلُّوا ضلالا بعيدا . والحق أن عيسى بريء من هذه الدعوى ، فقد قال لهم عكس ما ينسبون اليه . لقد أمرهم بعبادة الله وحده ، معترفاً بأنه ربه وربهم … وجاء هذا صريحاً في الاناجيل ، ففي إنجيل يوحنا ( هذه هي الحياةُ الأبدية ، أن يعرِفوك أنت الإله الحقيقيَّ وحدك ، ويسوع المسيح الذي أرسلتَه ) . وبعد ان أمرهم عليه السلام بالتوحيد الخالص ، أتبعه بالتحذير من الشرك والوعيد عليه : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ ٱللَّهُ عَلَيهِ ٱلْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ ٱلنَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } . إن اللهَ هو الذي خلقني وخلقكم جميعاً ، وهو مالك أمرِنَا جميعا ، وإن كل من يدّعي لله شريكاً ، فان جزاءه ان لا يدخل الجنة أبدا ، وليس لمن يتعدى حدوده ويظلم ناصرٌ يدفع عنه العذاب يوم القيامة . لقد كفر الذين قالوا ان الله ، وهو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما ثالثُ أقانيم ثلاثة : الأب ، والابن ، وروح القدس ، فالحق أنه يتصِف بالوحدانية ، ولا تركيب في ذاته ولا في صفاته . إنه { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } . ثم قال متوعداً { وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } فإن لم ينتهِ هؤلاء عن العقائد الزائفة ، ويرجعوا إلى الإيمان باللهِ وحده ، فواللهِ ليصيبنَّهم عذابٌ شديد يوم القيامة . { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . إن الله واسع الرحمة اذا تابوا ورجعوا اليه . ثم أكد الله تعالى ان المسيح رسول كغيره من الرسل وأقام الدليل على ذلك فقال : { مَّا ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ ٱلطَّعَامَ } ليس عيسى بن مريم إلا عبداً من البشر ، أنعم الله عليه بالرسالة كغيره من الرسل . أمّا أمه مريم فهي صدّيقةٌ في مرتبة تلي مرتبة الأنبياء ، لكنها أيضاً من البشر ، فعيسى وأمه يأكلان الطعام كغيرهما من الناس ، فانظر أيها السامع نظرة عقلٍ وفكر ، ثم تأمل كيف ينصرفون عن الحق مع وضوحه .