Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 53, Ayat: 27-32)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مبلغهم من العلم : منتهى علمهم . كبائر الإثم : الجرائم الكبرى كالقتل والسرقة وما يترتب عليه حد . والفواحش : ايضا من الكبائر وهي ما عظُم قبحها . اللّمم : مقاربة الذنب والدنو منه ، او ما صغُر من الذنوب . أنشأكم : خلقكم . أجنّة : جمع جنين ، وهو الولد ما دام في بطن أمه . بعد ان عاب الله عبادةَ الأصنام التي لا تملك نفعا ولا ضرا ، ولا شفاعة ، وكرر هنا تسفيه أحلامهم بأنهم سمّوا الملائكة بناتِ الله ، فمن أين أتاهم ان الله له اولاد هي الملائكة ! ؟ إنه تعالى غني عن المساعدة وعن الصاحبة والولد ، وكلامهم هذا كله دعوى من غير دليل ، { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنَّ ٱلظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ ٱلْحَقِّ شَيْئاً } . فأعرِض أيها الرسول عن هؤلاء الذين لا همَّ لهم الا جمع حطام الدنيا ، لأن ذلك الذي يتبعونه هو منتَهى ما وصلوا اليه من العلم ، { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱهْتَدَىٰ } فهؤلاء قومٌ لا تجدي فيهم الذكرى ولا تؤثر فيهم الموعظة ، فلا تبتئس بإنكارهم وكفرهم ، اللهُ أعلمُ بهم . ثم بين بعد ذلك ان الله تعالى هو مالك هذا الكون المتصرفُ فيه ، ولذلك فهو القادرُ على الجزاء . وهو عادلٌ يحب العدل ، ولذلك يبيّن جزاء الذين أساؤا والذين أحسنوا . وقد بيّن أوصافَ المحسِنين بقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ إِلاَّ ٱللَّمَمَ } يعني ان المحسنين هم الذين يبتعدون عن كبائرِ المعاصي والفواحش ، فإذا وقعوا في معصيةٍ وتابوا فَـ { إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ ٱلْمَغْفِرَةِ } يغفر كل ذنب كما قال تعالى : { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } [ الزمر : 53 ] . وعلى هذا يكون اللَّمَمُ هو الإتيان بالمعصِية ( من أيّ نوعٍ ) ثم يتوب عنها . ولذلك ختم الآية بان هذا الجزاء ، بالسُّوءى والحسنى ، مستند الى علم الله بحقيقة دخائل الناس فقال : { هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنشَأَكُمْ مِّنَ ٱلأَرْضِ وَإِذْ أَنتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلاَ تُزَكُّوۤاْ أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ ٱتَّقَىٰ } فهو أعلمُ بأحوالكم ، وعندَه الميزانُ الدقيق ، وجزاؤه العدْل ، واليه المرجع والمآل . ويرى كثير من المفسرين ان الآية تعني أن الذي يجتنب الكبائرَ يكفِّر الله عنه الصغائرَ ، كما قال تعالى : { إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ } [ النساء : 31 ] ، وهذه الآية مدنية . وعلى كل حالٍ فالله تعالى واسعُ المغفرة ، رؤوف بعباده حليم كريم . قراءات : قرأ حمزة والكسائي وخلف : الذين يجتنبون كبير الإثم بالافراد ، والباقون : كبائر الاثم بالجمع .