Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 54, Ayat: 1-8)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وإن يروا آية : وان يروا دليلاً على نبوة محمد . مستمر : دائم . أهواءهم : ما زينه لهم الشيطانُ من الوساوس والأوهام . مستقر : منتهٍ الى غاية ينتهي اليها . مزدجَر : ما فيه الكفاية لزجرهم . حكمة بالغة : واصلةٌ غايةَ الإحكام والابداع . فما تُغني النذر : فما يفيد المنذِرون لمن انصرف عنهم . نُكُر : بضم النون والكاف ، كل ما تنكره النفوس وتعافه . خشّعا : جمع خاشع وهو الذليل . الأجداث : القبور . مهطِعين الى الداع : مسرعين منقادين لمن يدعوهم الى الحشر . عُسُر : صعب شديد الهول . يخبرنا الله تعالى باقترابِ يوم القيامة ، ونهايةِ الدنيا وانقضائها ، وأنّ الكونَ يختلُّ كثيرٌ من نظامه عند ذاك ، كما جاء في قوله تعالى : { إِذَا ٱلشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا ٱلنُّجُومُ ٱنكَدَرَتْ } [ التكوير : 1 - 2 ] ، والتكدُّر هو الانتثار ، فعبّر بالماضي ، وهنا التعبير جاء بالماضي ، وكما قال في آخر سورة النجم { أَزِفَتِ ٱلآزِفَةُ } [ النجم : 57 ] . وقد روى الامام أحمد عن سهلِ بن سعد ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بُعثتُ أنا والساعةُ هكذا ، وأشار باصبعَيه السبّابةِ والوسطَى " . وهنا يقول : اقتربت القيامة ، وسينشقُّ القمرُ لا محالة . وتشير الابحاثُ الفلكية الى ان القمر يدنو من الأرض ويستمرُّ بالدنوّ منها حتى يبلغَ درجةً يتمزقُ عندها ويصير قِطعاً كلّ واحدةٍ تدور في فلكها الخاص . وهذا طبعاً سيحدُث عند انتهاء هذه الحياةِ الدنيا ، ولا يعلم وقتَ ذلك الا الله . ويقول المفسّرون الأقدمون : ان انشقاق القمر قد حدَث فعلا ، ويرون عدة أحاديث أسندوها الى أنس بن مالك وعبد الله بن عباس ، وجبير بن مطعم ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم . ويقول ابن كثير : قد كان هذا في زمان رسول الله كما ورد ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة . والروايةُ عن خمسة من الصحابة فقط فكيف تكون متواترة ؟ واللهُ اعلم . لقد كذّب هؤلاء الكفار النبيَّ الكريم ، وأعرضوا عن الإيمان به ، وقالوا : إنه كاهن وساحر يُرهِب الناسَ بسحره . بذلك كذّبوا بالحق إذ جاءهم { وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُّسْتَقِرٌّ } فهو منتهٍ الى غاية يستقر عليها . ان هذا الكون يا محمد يسير وفق قوانينَ منتظِمة محدّدة مستقرة . وان امرك ايها الرسول سينتهي الى الاستقرار بالنصر في الدنيا والفوزِ بالجنّة في الآخرة . ولقد جاء لهؤلاء المكذِّبين من الأخبار عن الماضِين الذين كذّبوا الرسلَ ، فهلكوا ، ما يردعُهم ويزجُرهم عما هم فيه من الغيِّ والشرك والفساد . وهو { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِـي ٱلنُّذُرُ } . إنه حكمةٌ عظيمة بالغةٌ غايتها في الهداية والارشاد الى طريق الحقّ لو انهم فكّروا واستعملوا عقولهم ، ولكن أيّ نفعٍ تفيد النذُر لمن اتَّبع هواه وانصرف عنها ! ؟ . أعرِضْ أيها الرسول عن هؤلاء الكفار ، وانتظِر يومَ يدعو الداعي الى أمرٍ شديدٍ تنكره النفوس ، ولم يروا مثلَه لما فيه من هول وعذاب . انه يوم الفزَع الاكبر ، يوم تراهم : { خُشَّعاً أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ ٱلأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ } . يخرجون من قبورهم في حالةِ هلع عظيم ، خاشعة أبصارهم من شدة الهول ، كأنهم من كثرتهم وسرعة انتشارهم جرادٌ منتشر . كما قال تعالى ايضا : { يَوْمَ يَكُونُ ٱلنَّاسُ كَٱلْفَرَاشِ ٱلْمَبْثُوثِ } [ القارعة : 4 ] ، فهم في أول أمرِهم يكونون كالفَراش حين يموجون فزِعين لا يهتدون أين يتوجهون ، ثم يكونون كالجراد المنتشِر عندما يتوجهون للحشْر . في ذلك اليوم يخرجون مسرعين الى الداعي ، ينظرون إليه في ذلٍّ وخضوع ، لما يرون من الهول حتى { يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } هذا يوم صعب شديد . قراءات : قرأ ابن كثير : نُكْر بضم النون واسكان الكاف ، والباقون : نُكُر بضم النون والكاف . وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم : خُشّعاً بضم الخاء وتشديد الشين جمع خاشع . والباقون : خاشعاً ابصارهم على الافراد .