Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 137-140)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
شركاؤهم : سدنة الآلهة التي يعبدونها من الاوثان . لِيُرْدوهم : ليهلكوهم . ليلبسوا : ليخلطوا عليهم . حجر : محجور ممنوع . سيجزيهم : سيعاقبهم الله على هذه المنكرات . كما زيّنتْ لهم أوهامهم تلك القسمة الظالمة التي مر ذكرها في الآية السابقة من الحرث والابل والبقر وغيرها - زيّنت لهم اوهامهم وتضليلُ شركائهم من خدّام الاوثان وشياطين الانس ان يقتلوا اولادهم . وكان ذلك يتم إما تديُّناً وتقرباً لآلهتهم في الجاهلية ، او بسبب من الفقر ، كما جاء في بعض الآيات . ومنهم من كان يئد البنات ، اي يدفنهن في التراب ، خوفا من العار الذي يمكن ان يُلحقنه به . وكان نَذْر قتل بعض الأولاد جاريا في دينهم ، ومن ذلك نذْرُ عبد المطلب ان يقتل آخر اولاده ان وُلد له عشرة ذكور فكان العاشر عبد الله . وفداه بمئة من الابل كما أفتاه بذلك بعض الكهان . { لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُواْ عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ } . لقد زينوا لهم هذه الخرافات المنكرة ليهلِكوهم بالاغواء ، ويفسدوا عليهم فِطرتهم ، حين تنقلب عواطف الوالدين من رحمة ورأفة الى قسوة ووحشية . من ثَمَّ ينحر الوالدُ ولده ، ويدفن بنتَه الضعيفة وهي حية . { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } . تلك مشيئة الله في خلقه بما ينتحلونه من شرائع وما يفترون عليه من كذب ، فاتركهم ايها الرسول . ان عليك ان تقوم بما أُمرت به من التبليغ ، والله هو الذي يتولى أمرهم ، وله سُنن فيه هداية خلقه لا تتغير ولا تتبدل . ثم ذكر الله تعالى ثالثا من آرائهم وديانتهم الفاسدة فقال : { وَقَالُواْ هَـٰذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ … } . يعني : ومن أوهامهم انهم قسموا أنعامهم وزرعهم أقساما ثلاثة : 1 - أنعام وأقوات وحبوب وغيرها ممنوعة ، تُجعل لمعبوداتهم ، لا يأكلها أحد الا من يشاؤون من خَدَمة الاوثان ، ويقولون هي " حِجْر " أي : محجورة للآلهة لا تعطى لغيرهم . 2 - أنعام حَرُمت ظهروها ، فلا تُركب ولا يُحمل عليها ، كما جاء في قوله تعالى بسورة المائدة : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } . 3 - أنعام لا يذكرون اسم الله تعالى عليها عند الذبح ، بل يُهدونها لألهتهم وحدها وذلك لكذبهم علىالله تعالى بشِركهم . ان الله تعالى سيجزيهم بالعذاب في الآخرة ، بسبب افترائهم عليه وتحريمهم ما لم يحرمه هو . ثم ذكر نوعاً آخر من أحكامهم في التحريم بيّن فيه سخفهم وكذبهم على الله فقال : { وَقَالُواْ مَا فِي بُطُونِ هَـٰذِهِ ٱلأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِّذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَىٰ أَزْوَاجِنَا وَإِن يَكُن مَّيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَآءُ … } . ومن ديانتهم الباطلة أنهم يقولون : ان ما في بطون الأنعام التي لا تُذبح ولا تُركب هو للذكور خاصة ، ويحرُم على النساء . لكن لك الجنين اذا سقط ميتا اشترك في أكل لحمه الذكور والاناث فكيف يجوز ذلك ! ان الله سيجزيهم على كذبهم الذي وصفوا به فعلهم ، اذا ادعوا ان هذا التحريم من عند الله وهو من عند أنفسهم . إن الله عليم بكل شيء ، حكيم تسير جميع أفعاله على مقتضى الحكمة . { قَدْ خَسِرَ ٱلَّذِينَ قَتَلُوۤاْ أَوْلاَدَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُ ٱفْتِرَآءً عَلَى ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } . لقد خسر اولئك قتلوا أولادهم ، وَوَأَدُوا بناتهم سَفَهاً وحُمقاً ، فالولد نعمةٌ من الله على العبد ، { ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } فاذا سعى العبد في زوال هذه النعمة خسر خسرانا عظيما ، واستحق الذم في الدنيا ، والعقاب في الآخرة . كذلك أولئك الذين حرموا على انفسهم ما رزقهم الله من زرع وحيوان … لقد ضلُّوا وبعُدوا عن الحق ، فهم لا يتّصفون بالهداية بحالٍ من الأحوال . قراءات : قرأ ابن عامر : " وكذلك زُيّن لكثيرٍ ، المشركين قتلُ اولادَهم شركائِهم بنصب اولادهم وجرّ شركائهم ، وهنا فصل بين المضاف والمضاف اليه . وقرأ الباقون " زَيَّن لكثيرٍ من المشركين قتلَ اولاَدِهم شركاؤُّهم " وقرأ ابن كثير وابن عامر : " قد خسر الذين قَتَّلوا " بالتشديد .