Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 59-62)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المفاتح : جمع مفتح بفتح الميم ، ومفتاح . يتوفاكم بالليل : جعل النوم مثل الموت . توفّاه أخذه وافياً كاملا . جرحتم : عملتم . يبعثكم فيه : يرسلكم ويوقظكم من النوم في النهار . الأجل المسمى : مدة البقاء في الدنيا . الحفظة : الملائكة الكرام الكاتبون . بعد أن أمر الله تعالى الرسول ان يبين للمشركين انه على بينة من ربه فيما بلّغهم من الوحي ، وان ما يستعجلونه من العذاب ليس عنده ، وان الله تعالى يقضي الحق ويقصه على رسوله - عَمَد الى وصف حقيقة الالوهية في مجال عميق من مجالاتها الفذة ، هو مجال الغيب المكنون . فيقول : وعند الله علمُ جميع المغّيبات ، لا يحيط بها علماً الا هو وحده ، ومن أظهره هو على بعض العلم كما جاء في سورة الجن { عَالِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ } . والمغّيبات قسمان : مغيبات مطلقة لا يمكن أن يصل إليها العقل الانساني ، ومنها ما يقع للإِنسان في المستقبل من حوادث تتعلق به . ومغيبات نسبية ، وهي ما يتعلق بأسرار الكون وما فيه ، وتسخيره لخدمة الإِنسان ، فإن العلم بها قد يغيب اجيالا ثم يظهر من بعد . ومفاتح هذه المغيبات أيضا بيد الله ، ويوفّق إليها من يشاء من عباده الذين يتعمقون في دراسة الكون . ومن ذلك الاختراعاتُ التي نرى بعض الناس يصلون إليها بعد جهد جهيد بتوفيق الله . روى البخاري عن سالم بن عبد الله عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مفاتِح الغيْبِ خَمْس : إن الله عندَهُ عِلمُ الساعةِ ، ويُنَزّلُ الغيْثَ ، ويعلَمُ ما في الأرحامِ ، ما تَدري نفسٌ ماذا تَكسِبُ غَداً ، وما تَدرِي نفسٌ بأيّ أرضٍ تموت ، إن الله عَلِيمٌ خَبير " . ويحيط علم الله كذلك بجميع الموجودات في البر والبحر ، ولا تسقط ورقة عن شجرةً إلا بعلمه ، ولا حبة ما في باطن الارض ، ولا شيء رطب ولا يابس ، الا هو في اللوح المحفوظ عند الله . والخلاصة ، إن عند الله عِلمَ ما لا تعلمونه ، وعنده علم ما يعلمه جميعكم ، فهو يعلم ما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم القيامة . وهو الذي يتوفى أنفسَكم في اثناء النوم ، أي يُزيل إحساسها ، ويوقظكم في النهار ، ويعلم ما كسبتم فيه … حتى ينتهي أجَل كل منكم ، ثم ترجعون اليه يوم القيامة فيخبركم باعمالكم ويجازيكم عليها . { وَهُوَ ٱلْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً } . بعد ان بين الله امر الموت والرجوع اليه للحساب ، والجزاء ، ذكره قهره لعباده وارسال الحفظة لاحصاء اعمال البشر فقال : إن الله هو الغالب بقدرته ، المستعلي بسلطانه على عباده ، يرسل عليكم ملائكة يحصون اعمالكم الى ان تجيء نهاية كل منكم ، فتقبض روحه ملائكتنا الذين نرسلهم لذلك وهم لا يقصّرون فيما يوكل اليهم . روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يتعاقبون فيكم ملائكةُ بِالليل ، وملائكة بالنهار ، يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ، ثم يعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربُّهم وهو أعلم بهم : كيف تركتم عبادي ؟ فيقولون : تركناهم وهم يصلّون ، وأتيناهم وهم يصلّون " . قراءات : قرأ حمزة " توفاه رسلنا " بالألف الممالة ، والباقون " توفته رسلنا " .