Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 62, Ayat: 1-4)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

القدّوس : صفة من صفات الله ومعناها : المنزه عن النقائص . الأُميون : هم العرب ، لأنهم كانوا لا يعرفون القراءة والكتابة إلا نسبة قليلة منهم . يزكيهم : يطهّرهم من الشرك وآخرين لمّا يلحقوا بهم : وغيرهم من الناس سيأتون بعدهم . يسبّح لله وينزّهه عما لا يليق به كلُّ ما في هذا الوجود من بشرٍ وحيوان وشجر وجماد ، هو الملكُ القُدّوس المنزه عن النقائص ، المتصفُ بالكمال ، { ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } . والله تعالى هو الذي ارسلَ رسولَه محمداً صلى الله عليه وسلم من العرب الأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون ، كي يتلو عليهم القرآن ، ويزكّيهم بالاخلاق الفاضلة ويطهرهم من الشرك وعبادة الاوثان ، ويعلّمهم الشرائع والعلم النافع ليقودوا العالم وينشروا القِيَم الفاضلة في الشرق والغرب … وقد كان ذلك من أولئك الأميين بفضل الاسلام وتحت راية القرآن . { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } وأي ضلالٍ اكبر من عبادة الاصنام وإتيان الفواحش ، كما قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يخاطب النجاشيّ ملكَ الحبشة لما هاجروا اليه : " أيها الملك كنّا قوماً أهلَ جاهلية ، نعبد الأصنام ، ونأكل الميتة ، ونأتي الفواحش ، ونقطع الأرحام ، ونسيء الجِوار ، ويأكل القويُّ منا الضعيف ، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ، نعرف نسبه وصِدقه وأمانته وعفافه . فدعانا الى الله لنوحّده ولنعبده ، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان . وأمرَنا بصدق الحديث ، وأداء الامانة وصلة الرحم ، وحُسن الجوار ، والكفّ عن المحارم والدماء ، ونهانا عن الفواحش وقول الزور ، وأكْل مال اليتيم ، وقذف المحصنات . وأمَرَنا ان نعبد الله ولا نشرك به شيئا ، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام . " { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } وبعثه الله تعالى الى جماعات آخرين من العرب وغيرِهم من جميع العالم لم يجيئوا بعد ، سيأتون ويحملون مِشعلَ الهداية وينشرون نور الاسلام في مشارق الارض ومغاربها . وهذا يعني أن هذه الأمة المباركة موصولةُ الحلقات ممتدة في جميع اطراف الأرض على مدى الزمان ، تحمل هذه الأمانةَ وتُخرج الناس من الظلمات الى النور . والتاريخُ شاهد على ذلك ، وهذه الآية من دلائل النبوة ، ومن الأدلّة على ان القرآن من عند الله . { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } والله ذو العزة والسلطان . { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ ٱلْعَظِيمِ } إن ذلك الاختيارَ من الله ، اختيارَ رسوله الكريم في هذه الأمة التي هي خير أمةٍ أُخرجت للناس - فضلٌ كبير من الله لا يَعدِله فضل ، وتكريم كبير لأمة الاسلام السابقين واللاحقين منهم . نسأل الله تعالى ان يرد زعماء هذه الأمة الى دينهم ، ويبصّرهم شئون أمتهم ويهديهم سواء السبيل .