Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 66, Ayat: 1-5)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

تحرّم : تمتنع عن . تبتغي : تطلب . فرض : شرع ، وبين لكم . تحلَّة أيمانكم : تحليلها بالكفارة . بعض ازواجه : حفصة . نبأت به : اخبرت عائشة به . عرف بعضه : اعلمها ببعض الحديث الذي أفشته . وأعرض عن بعض : لم يخبرها به . ان تتوبا : يعني حفصة وعائشة . صغت قلوبكما : مالت الى ما يجب للرسول الكريم من تعظيم واجلال . وان تظاهرا عليه : تتظاهرا وتتعاونا على ايذاء الرسول . ظهير : معين . مسلمات : خاضعات لله بالطاعة . مؤمنات : مصدقات بتوحيد الله . قانتات : مواظبات على الطاعة . تائبات : مقلعات عن الذنوب . سائحات : صائمات وذاهبات في طاعة الله كل مذهب . الحديث في هذه الآيات الكريمة عما كان يجري في بيتِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فالرسول الكريم بشَرٌ يجري في بيته ما يكونُ في بيوت الناس ، من شِجارٍ بين أزواجه وغيرةٍ وما شابه ذلك . وقد وردتْ رواياتٌ متعدّدة في سبب نزول الآيات ، من أصحِّها أنه شربَ عسلاً عند زينبَ بنتِ جحش ، فغارت عائشةُ وحفصةُ من ذلك . واتّفقتا أنّ أيَّ واحدةٍ منهما دخلَ عليها النبي الكريم تقول له : إنّي أجِدُ منك ريحَ مغافير . ( والمغافيرُ صَمغٌ حلو له رائحةٌ كريهة ) . وأولَ ما دخل على حفصةَ قالت له ذلك ، فقال لها : بل شربتُ عسلاً عند زينبَ بنتِ جحش ، ولن أعودَ له . وأُقسِم على ذلك ، فلا تُخبري بذلك أحدا . فأخبرت حفصةُ بذلك عائشةَ وكانتا ، كما تقدّم ، متصافيتَين متفقتين … فعاتبَ الله تعالى نبيَّه على تحريمِه ما أحلَّه الله له كي يُرضيَ بعضَ زوجاته . وبعدَ عتابِه الرقيق وندائه : يا أيّها النبيّ … قال تعالى { وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . ثم بيّن له أنّه يمكن ان يكفّر عن يمينه بقوله : { قَدْ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ } بالكفّارة عنها . وقد رُوي أنه عليه الصلاةُ والسلام كفّر عن يمينه فأعتق رقبة . { وَٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ } واللهُ متولِّي أمورِكم وناصرُكم ، وهو العليم بما يُصلحكم فيشرّعه لكم ، والحكيمُ في تدبيرِ أموركم . { وَإِذَ أَسَرَّ ٱلنَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ } . وقد تمّ شرحُ هذا فيما سبق . اما " عرّف بعضَه وأعرضَ عن بعض " فهو أن الله أطلَع رسولَه على ما دار بين حفصة وعائشة ، وأخبر الرسول حفصةَ ببعض الحديث الذي أفشَتْه ، وأعرضَ عن بعض الحديث وهو قولُه : وقد حلفتُ . { فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَـٰذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْخَبِيرُ } . فلما أخبر حفصةَ أنه يعرف ما دار بينَهما استغربتْ وسألتْه : من الذي أخبرك بهذا ؟ قال : أخبرني به اللهُ العليم بكل شيء ، الخبيرُ الذي لا تخفَى عليه خافية . ثم وجّه تعالى الخطابَ إلى حفصةَ وعائشة مبالغةً في العتاب والتحذير فقال : { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } إن ترجعا الى الله بالتوبة عن مثلِ هذه الأعمال التي تؤذي النبيَّ فقد مالت قلوبُكما الى الحقّ والخير . ثم بيّن الله أنه حافظٌ لرسوله الأمين وحارسُه فلا يَضُرُّه أذى مخلوقٍ فقال : { وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ } . ان تتعاونا يا عائشة وحفصة في العمل على ما يؤذي النبيَّ ويسوؤه من الإفراط في الغيرة وإفشاء السر - فلن يضرّه ذلك شيئا ، فالله ناصرهُ وجبريلُ والمؤمنون الصالحون والملائكة كلّهم مظاهرون له ومعينون . ثم حذّرهما ألاّ تعودا لمثلِ ذلك بقوله : { عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } . احذرْنَ أيتها الزوجات من إيذاء رسول الله والتألُّب عليه ، والعملِ على ما يسوؤه فإنه اذا أُحرِج يمكن ان يطلقكن ويبدله الله خيراً منكن في الدينِ والصلاح والتقوى . ولا شيءَ أشدُّ على المرأة من الطلاق . وفي هذا تنويهٌ كبير بشأن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم . قراءات : قرأ اهل الكوفة : تظاهرا بفتح التاء والظاء من غير تشديد . وقرأ الباقون : تظاهرا بفتح التاء والظاء المشددة . وقرأ الكسائي وحده : عرف بعضه بفتح العين والراء بلا تشديد ، والباقون عرَّف بتشديد الراء المفتوحة . وقرأ حفص ونافع وابو عمرو وابن عامر : جبريل بكسر الجيم والراء من غير همزة . وقرأ ابو بكر : جبرئيل بفتح الجيم والراء وهمزة قبل الياء .