Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 72-75)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الهجرة : مفارقة بلدٍ الى غيره ، فان كانت قُرْبةً إلى الله فهي الهجرة الشرعية . آواه : اسكنه . قسم الله المؤمنين أربعة أقسام وبيّن حُكم كل منها ومنزلته من بينها : 1 - المهاجرون الاولون اصحاب الهجرة الاولى قبل غزوة بدر الى صلح الحديبية . 2 - الانصار الذين كانوا بالمدينة وآووا النبي عليه الصلاة والسلام والمهاجرين من اصحابه عند الهجرة . 3 - المؤمنون الذين لم يهاجروا . 4 - المؤمنون الذين هاجروا بعد صلح الحيبية . 1 - { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } هؤلاء هم الكَمَلَة المؤمنون الذين هجروا أوطانهم فِراراً بدِينهم من فتنة المشركين ، وإرضاء لربهم ونصراً لرسوله ، ثم جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله . 2 - { وَٱلَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ } والأنصار من اهل المدينة الذي آووا الرسول الكريم ومن هاجر من اصحابه ونصروهم ، وأمّنوهم من المخاوف ، وشاركوهم في أموالهم حتى آثروهم على انفسهم - فحُكمهم حكم المهاجرين الاولين . { أُوْلَـٰئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } بعضهم نصراء بعض في تأييد الحق وإعلاء كلمة الله على الحق . 3 - { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يُهَاجِرُواْ مَا لَكُمْ مِّن وَلاَيَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّىٰ يُهَاجِرُواْ } والذين لم يهاجروا من المؤمنين ، لا يثبت لهم شيءٌ من ولاية المؤمنين ونصرتهم ، اذ لا سبيل إلى وَلايتهم حتى يهاجروا . { وَإِنِ ٱسْتَنصَرُوكُمْ فِي ٱلدِّينِ فَعَلَيْكُمُ ٱلنَّصْرُ إِلاَّ عَلَىٰ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ } وان طلبوا منكم النصر على من اضطهدوهم في الدّين ، فانصرُوهم ، فإن طلبوا النصر على قوم معاهِدين لكم ، لم ينقضوا الميثاق معكم فلا تجيبوهم . { وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } لا يخفى عليه شيء . قراءات : قرأ حمزة : " ولايتهم " بكسر الواو ، والباقون بفتحها . وبهذه المحافظة على العهود والمواثيق سِراً وجهراً امتازت الشريعة الاسلامية على غيرها ، فشعارُ أهل الإسلام الوفاءُ بالعهود ، والبعد عن الخيانة والغدر . { وَٱلَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ } إن الكفار على اختلاف شِيعِهم بعضُهم يوالي بعضاً وينصره ضد الاسلام . قد كان اليهود والمنافقون ومشركو العرب كتلةً واحدة متفقين على محاربة الاسلام والمسلمين . وهذا ما يحصل اليوم … جاء اليهود الى بلادنا واحتلّوا قسماً منها بمساعدة النصارى في جميع أقطار الارض ، وقد اتفق على ذلك جميع الأوربيين والأمريكان ، كلُّهم مجتمِعون متفقون على حمايةِ اليهود ومساعدتهم ضد الإسلام والمسلمين . { إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي ٱلأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } إن لم تفعلوا ما شُرع لكم من ولاية بعضكم لبعض ، ومن تناصرُكم وتعاونكم تجاه وَلاية الكفّار بعضُهم لبعض ، يقع من الفتنة والفساد ما فيه أعظمُ الضرر عليكم ، بتخاذلكم الذي يُفضي الى ظفر الاعداء بكم وسلبكم بلادكم . وهذا ما هو حاصل اليوم من تكتّل الأعداء ضدّنا ، ونحن متمزقون في عدة دول وامارات ، يحارب بعضنا بعضاً والعدو يسرح ويرتع في بلادنا . { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ آوَواْ وَّنَصَرُوۤاْ أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ حَقّاً لَّهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ } . يبين الله تعالى في هذه الآية ميزةَ المهاجرين والانصار وفضهلم على غيرهم ، ويذكر ان هؤلاء المهاجرين والانصار هم المؤمنون حق الايمان وأكمله ، فلهم مغفرة تامة من ربهم ورزق كريم في الدنيا والآخرة . 4 - { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ مِنكُمْ } . والذين تأخر إيمانهم وهجرتُهم عن الهجرة الاولى ، لكنهم هاجروا وجاهدوا معكم اعداءكم لاحقاً ، فاولئك منكم أيها المهاجرون والانصار ، لهم من الولاية والحقوق ما لبعضكم على بعض ، وفي هذا دليل على فضل السابقين على اللاحقين كما جاء في قوله تعالى : { لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ ٱلْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ وَكُلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } سورة الحديد . { وَأْوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ … } وذوو القرابة من المؤمنين أولى من غيرِهم بالبر والنصر والإحسان كما جاء في كتاب الله الكريم ، فاتبعوه وتقيدوا به . فهو سبحانه إنما شرع لنا هذه الاحكام في الولاية العامة والخاصة والعهود والمواثيق وصِلة الأرحام وغير ذلك من التشريع ، وهو على علم واسع محيط بكل شيء . وقد استدل الشيعة بهذه الآية على ان من كان أقربَ إلى الميّت نَسباً فهو أولى بميراثه من الأبعد ، فبِنتُ الميت تحجب أخاه عن الإرث لأنها اقرب منه الى الميت ، واختُه تحجب عَمَّهُ لنفس السبب . وهكذا يحجب عندَهم الأقربُ الأبعدَ من جميع المراتب .