Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 61-63)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

اذن : يسمع كل ما يقال ويصدقه . اذن خير : يسمع الصدق ولا يخدع بالباطل . يؤمن للمؤمنين : يصدقهم لما يعلم فيهم من الاخلاص والايمان الصادق . لا يزال الحديث في المنافقين ومداوراتهم ، وما كانوا يفعلون من توجيه الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم . وقد رودت عدة روايات في هذا الموضع عن ابن اسحاق وابن المنذر وغيرهم . من ذلك ان رجلا من المنافقين اسمُه : نبتل بن الحارث ، كان يأتي الرسول الكريم فيجلس اليه فيسمع منه ثم ينقل حديثه الى المنافقين . وهو الذي قال لهم : إنما محمد أذُنٌ ، مَنْ حدّثَه شيئا صَدّقه . وكذلك روي ان جماعة من المنافقين منهم جلاس بن سويد بن الصامت ، ومخشي بن حِمْير ، ووديعة بن ثابت - اجتمعوا فأرادوا ان يقعوا في النبي الكريم . فنهى بعضهم بعضا ، وقالوا : نخاف ان يبلغ محمدا فيقع بكم . فقال بعضهم انما محمد أُذُنٌ نَحْلِفُ له فيصدّقنا … فنزل قوله تعالى : { وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . ومن المنافقين جماعة يتعمّدون إيذاء النبيّ ، فيتّهمونه بأنه يسمعُ من كّلِ أحدٍ ما يقوله ويصدِّقه ، وانه يُخْدع بما يَسْمَع ، فقل لهم ايها الرسول : إن من تتناولونه بهذه التُّهمة ليس كما زعمتم ، بل هو أُذُن خير لكم لا يَسْمع الا الصِدق ، ولا يُخدع بالباطل ، ويصدِّق بالله وبما يوحي اليه ، ويصدِّق المؤمنين ، لانه يعلم ان إيمانهم يمنعُهم من الكذب . وهو رحمةٌ للذين آمنوا منكم إيمانا صحيحا ، اما الذين يؤذون الرسول بالقولِ او بالفعل فجزاؤهم العذاب الشديد . وقد صار هذا القول عن بعض المنافقين لأن النبي الكريم كان لا يواجهُهم بسوء ، ويعاملهم بكل سماحة ، ويهَشّ لم ويستقبلهم ، فظنّوا أنه ينخدِع بهم ، وتنطلي عليه حيلُهم ونفاقهم . قراءات : قرأ نافع : " أذن " باسكان الذال ، والباقون " اذن " بضم الذال ، وقرأ حمزة : " ورحمة " بالجر عطفا على " خير " . والباقون : " رحمة " بالضم . { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } . الخِطابُ للنبي والمؤمنين : يحلِفون لكم أنهم ما قالوا ما نُقل عنهم لترضوا عنهم وتقبلوا معاذيرهم ، واللهُ والرسول أحقُّ بالحِرص على رضائهما ، ان كانوا مؤمنين كما يدّعون . روى ابن المنذر عن قتادة قال : " ذُكر لنا ان رجلاَ من المنافقين قال في شأن المتخلفين عن غزوة تبوك : والله إن هؤلاء لَخيارُنا وأشرافُنا ، وإن كان ما يقول محمدٌ حقاً لهُم شَرُّ من الحُمُر . فسمعها رجل من المسلمين فقال : واللهِ ان ما يقول محمدٌ لحقّ ، ولأنت شرُّ من الحمار . وجاء وأخبر النبيَّ بذلك ، فأرسل الى الرجل فدعاه فقال له : ما حَمَلَكَ على الذين قلت ؟ فجعل يلعن نفسَه ويحلِف بالله ما قال ذلك . وجعل الرجلُ المسلمُ يقول : اللهمَّ صدِّق الصادقَ ، وكذِّب الكاذبَ . فأنزل الله { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ } " الآية . { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ } . ألم يعلم هؤلاء المنافقون ان من يكفر باللهِ ويعادي اللهَ ورسولَه جزاؤه العذابُ الأليم في جهنم يوم القيامة ، وأن ذلك هو الذلّ والهوان العظيم الذي يصغر دونه كل خِزي في الحياة الدنيا .