Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 79-80)
Tafsir: Taysīr at-tafsīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يلمزون : يعيبون . المطوعين : المتطوعين وهم الذين يؤدون ما يزيد على الفريضة . جهدهم : طاقتهم . بعد ان ذَكر الله بُخلَ المافقين وشُحَّهم بأموالهم حتى بعد أن عاهدوا على ان يتصدّقوا اذا رَزَقََهم من فضله ، عَرَضَ هنا لوناً آخر من رأي المنافقين في الزكاة ، وكشَفَ عن الغمز واللّمزِ النابعَين عن طبعهم المنحرف . { ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ } . من نقائص هؤلاء المنافقين علاوة على بُخلم أنهم يَعيبون على الموسِرين من المؤمنين تصدُّقََهم على المحتاجين . روى ابن جرير عن عكرمة قال : " حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة ، فجاء عبدُ الرحمن ابن عوف بأربعة آلافٍ ، وقال : يا رسول الله : مالي ثمانيةُ آلاف ، جئتكم بنصفِها وامسكت نصفها . فقال : باركَ الله لك فيما امسكتَ وفيما أعطيت " . وتصدق عاصِمُ بن عديّ بمائة وسَقْ وثلاثمائةٍ وعشرين رِطلاً من تمر ، وجاء أبو عقيل بصاعٍ من تمر ، قال فلمزه المنافقون وقالوا : ما الذي أعطى ابنُ عوف إلا رياء . وقالوا : ألم يكنْ الله ورسوله غنيَّين عن صاع هذا ! ! ؟ ) . { وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . ولذلك يلمزون الذين لا يجِدون إلا طاقتَهم من فقراء المسملين ، ويسخَرون منهم لأنهم تصدّقوا بالقليل الذي وجدوه وقَدَروا عليه ، جازاهم الله على سخريتهم بما كشف من فضائحهم ، وجعلَهم سخريةً للناس أجمعين ، ولهم في الآخرة عذابٌ شديد . ثم بيّن الله تعالى عقابهم وسوّاهم بالكافرين فقال : { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ } . لقد تقرر مصير هؤلاء المنافقين حتى إن الاستغفارَ لهم وطلبَ العفو عنهم لن يجدي ، فسواءٌ ان تستغفر لهم أيها النبي ام لا ، ومهما أكثرتَ من طلب المغفرة لهم ، فلن يعفو الله عنهم ، وهذا معنى " إن تستغفرْ لهم سبعين مرة فلن يغفرَ الله لهم " فالمراد كثرة الاستغفار لا العدَد المحدد . { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ } . ولقد كفر هؤلاء بالله ورسوله ، فلا أملَ في العفو والمغفرة مع الكفر والاصرار عليه ، واللهُ لا يهدي الخارجين عليه وعلى رسوله ، أولئك الذين انحرفوا عن الطريق فلم تعدْ تُرجى لهم توبة ، وفسَدت قلوبُهم فلم يعدْ يُرجى لها صلاح .