Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 84-89)

Tafsir: Taysīr at-tafsīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الطول : الغنى والقوة . ذرنا : اتركنا : الخوالف : كل من تخلف عن الجهاد . طبع على قلوبهم : ختم عليها . بعد ان امر الله رسوله بفضح المنافقين وإذلالهم بمنعهم من الجهاد ، أمره ان لا يصلّي على من مات منهم ، ولا يوليهم أيَّ تكريم ، فهم لايستحقونه أبدا . { وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } . لا تُصَلِّ أيها الرسولُ بعد الآن في جنازة أحدٍ من هؤلاء المنافقين ، ولا تتولّ دفنه ، ولا تقُمْ عليه كما تفعل على قبور المؤمنين . وكان الرسول اذا فرغ من دفن الميت وقف على قبره وقال : " استغفِروا لأخيكم وسلو له التثبُّت فإنّه الآن يُسأل " . رواه ابو داود والحكم عن عثمان رضي الله عنه . { إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } . لأنهم كفروا وماتَوا وهم خارجون من حظيرة الاسلام . روى احمد والبخاري والترمذي وغيرهم عن ابن عباس قال : " سمعت عمر بن الخطاب يقول : لما توفي عبد الله بن أُبّي ، دُعي رسول الله للصلاة عليه ، فقام عليه ، فلما وقف قلت : أَتصلي على عدوّ الله ، عبدِ الله بن أبّي القائل كذا وكذا ؟ ورسولُ الله يبتسم . حتى اذا أكثرتُ قال : يا عمر ، أخِّر عني . انّي قد خُيرت : قد قيل لي : استغفر لهم … الآية ، فلو أعمل اني زدتُ على السبعينَ غُفر له لزدتُ عليها " . ثم صلى عليه ومشى معه حتى قام على قبره الى ان فرغ منه . فعجبتُ لي ولجرأتي على رسول الله ، فوا اللهِ ما كان الا يسيراً حتى نزلتْ هاتان الآياتان : " ولا تصلِّ على أحدٍ منهم ماتَ أبدا … " فما صلى رسول الله على منافق بعده " . وقد أنكر بعضُ العلماء هذا الحديث ، وقالوا إنه مخالف للآية ، وقد روي عن طريق ابن عمر وجابر بن عبد الله ، ولا أرى في هذا الحديث ما يخالف الآية اذا كان الحديث من اسباب النزول . والحديث صحيح لا مجال للطعن فيه ، والنبي انما صلى عليه من أجل ولدِه المؤمن الصحابيّ الجليل ، وكان هذا طلبَ من الرسول الكريم ان يصلّي على والده وقال له : يا رسول الله ، إنك ان لم تأتِه نُعَيَّر به . { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } . تقدمت هذه الآية في نفس السورة رقم 55 وفيها زيادة ( لا ) وهي : " فلا تعجبك اموالهم ولا اولادهم الخ … " وقد أعاد الله تعالى هذه الآية تأكيداً للتحذير . { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } . إذا أُنزلتْ سورة تدعو المنافقين الى الإخلاص في الإيمان بالله ، وتأمرُ بالجهادِ في سبيل الله - جاء الأغنياءُ منهم والذين عندهم المقدرةُ يطلبون من الرسول الكريم ان يأذَنَ لهم في التخلّف ، وقالوا : اتركْنا مع القاعدين في بيوتِهم . وذلك لجُبنِهم وبُخلهم في ان يجودوا بأموالهم وأنفسُهم في سبيل الله . { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } . انهم قد ارتضوا لأنفسِهم ان يكونوا في عِداد المتخلّفين من النساء والعجزة والاطفال ممّن لم يُكتب عليهم القتال ، وخَتَم الله على قلوبهم بالخوف والنفاق ، فهم لا يفقهون ما في الجهاد من عّزٍ في الدنيا ورضوانٍ من الله في الآخرة . { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } . ان الرسول والذين آمنوا معه قد جاهدوا وبذلوا أرواحهم وأموالهم في سبيل الله ، اعلاء لكلمته ، فلهؤلاء كل خيرٍ في الدنيا من العزّ والنصر والعمل الصالح ، وهم الفائزون بسعادة الدنيا والآخرة . { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } . قد هيأ الله لهم في الآخرة النعيمَ الدائم ، في جناتٍ تتخلّلها الأنهار ، وذلك هو النجاح الكبير . وهذا من أسلوب القرآن الحكيم يقابل الصور دائما ويبين السّيء من الحسن ليتعظ الناس بذلك .