Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 10, Ayat: 21-23)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى أنه إِذا أذاق الناس رحمة من بعد ضراء مستهم كالرخاء بعد الشدة ، والخصب بعد الجدب ، والمطر بعد القحط ، ونحو ذلك ، { إِذَا لَهُمْ مَّكْرٌ فِىۤ ءايَـٰتِنَا } قال مجاهد استهزاء وتكذيب كقوله { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَـٰنَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَآئِمًا } يونس 12 الآية ، وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح على أثر سماء كانت من الليل ، أي مطر ، ثم قال " هل تدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم ، قال " قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته ، فذاك مؤمن بي كافر بالكوكب ، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا ، فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب " وقوله { قُلِ ٱللَّهُ أَسْرَعُ مَكْرًا } أي أشد استدراجاً وإِمهالاً ، حتى يظن الظان من المجرمين أنه ليس بمعذب ، وإِنما هو في مهلة ، ثم يؤخذ على غرة منه ، والكاتبون الكرام يكتبون عليه جميع ما يفعله ، ويحصونه عليه ، ثم يعرضونه على عالم الغيب والشهادة ، فيجازيه على الجليل والحقير ، والنقير والقطمير . ثم أخبر تعالى أنه { هُوَ ٱلَّذِى يُسَيِّرُكُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ } أي يحفظكم ويكلؤكم بحراسته { حَتَّىٰ إِذَا كُنتُمْ فِى ٱلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا } أي بسرعة سيرهم رافقين ، فبينما هم كذلك إذ { جَآءَتْهَا } أي تلك السفن { رِيحٌ عَاصِفٌ } أي شديدة { وَجَآءَهُمُ ٱلْمَوْجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } أي اغتلم البحر عليهم { وَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ } أي هلكوا { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } أي لا يدعون معه صنماً ولا وثناً ، بل يفردونه بالدعاء والابتهال كقوله تعالى { وَإِذَا مَسَّكُمُ ٱلْضُّرُّ فِى ٱلْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَ إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّـٰكُمْ إِلَى ٱلْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ ٱلإِنْسَـٰنُ كَفُورًا } الإسراء 67 وقال ههنا { دَعَوُاْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَـٰذِهِ } أي هذه الحال { لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ } أي لا نشرك بك أحداً ، ولنفردنك بالعبادة هناك كما أفردناك بالدعاء ههنا ، قال الله تعالى { فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ } أي من تلك الورطة ، { إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ } أي كأن لم يكن من ذلك شيء { كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ } يونس 12 ثم قال تعالى { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ } أي إِنما يذوق وبال هذا البغي أنتم أنفسكم ، ولا تضرون به أحداً غيركم كما جاء في الحديث " ما من ذنب أجدر أن يعجل الله عقوبته في الدنيا ، مع ما يدخر الله لصاحبه في الآخرة ، من البغي وقطيعة الرحم " وقوله { مَّتَاعَ ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا } أي إِنما لكم متاع في الحياة الدنيا الدنيئة الحقيرة ، { ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ } أي مصيركم ومآلكم { فَنُنَبِّئُكُمْ } أي فنخبركم بجميع أعمالكم ، ونوفيكم إِياها ، فمن وجد خيراً فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إِلا نفسه .