Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قد تقدم الكلام على حروف الهجاء في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هنا ، وبالله التوفيق ، وأما قوله { أُحْكِمَتْ ءايَـٰتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ } أي هي محكمة في لفظها ، مفصلة في معناها ، فهو كامل صورة ومعنى ، هذا معنى ما روي عن مجاهد وقتادة ، واختاره ابن جرير . ومعنى قوله { مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } أي من عند الله الحكيم في أقواله وأحكامه ، خبير بعواقب الأمور { أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ ٱللَّهَ } أي نزل هذا القرآن المحكم المفصل لعبادة الله وحده لا شريك له كقوله تعالى { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِىۤ إِلَيْهِ أَنَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنَاْ فَٱعْبُدُونِ } الأنبياء 25 وقال { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ } النحل 36 وقوله { إِنَّنِى لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ } أي إني لكم نذير من العذاب إن خالفتموه ، وبشير بالثواب إن أطعتموه كما جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد الصفا ، فدعا بطون قريش ، الأقرب ، ثم الأقرب ، فاجتمعوا فقال " يا معشر قريش أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلاً تصبحكم ألستم مصدقي ؟ " فقالوا ما جربنا عليك كذباً ، قال " فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " وقوله { وَأَنِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي وآمركم بالاستغفار من الذنوب السالفة ، والتوبة منها إلى الله عز وجل فيما تستقبلونه ، وأن تستمروا على ذلك { يُمَتِّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا } أي في الدنيا { إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } أي في الدار الآخرة ، قاله قتادة كقوله { مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيِّبَةً } النحل 97 الآية . وقد جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد " وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله ، إلا أجرت بها ، حتى ما تجعل في في امرأتك " وقال ابن جرير حدثني المسيب بن شريك عن أبي بكر عن سعيد بن جبير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله { وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ } قال من عمل سيئة كتبت عليه سيئة ، ومن عمل حسنة كتبت له عشر حسنات ، فإن عوقب بالسيئة التي كان عملها في الدنيا بقيت له عشر حسنات ، وإن لم يعاقب بها في الدنيا أخذ من الحسنات العشر واحدة ، وبقيت له تسع حسنات ، ثم يقول هلك من غلب آحاده على أعشاره ، وقوله { وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ } هذا تهديد شديد لمن تولى عن أوامر الله تعالى وكذب رسله ، فإن العذاب يناله يوم القيامة لا محالة { إِلَىٰ الله مَرْجِعُكُمْ } أي معادكم يوم القيامة { وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } أي هو القادر على ما يشاء من إحسانه إلى أوليائه ، وانتقامه من أعدائه ، وإعادة الخلائق يوم القيامة ، وهذا مقام الترهيب ، كما أن الأول مقام ترغيب .