Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 11, Ayat: 7-8)

Tafsir: Tafsīr al-Qurʾān al-ʿaẓīm

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء ، وأنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ، وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك كما قال الإمام أحمد حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اقبلوا البشرى يا بني تميم " قالوا قد بشرتنا ، فأعطنا ، قال " اقبلوا البشرى يا أهل اليمن " قالوا قد قبلنا . فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان ؟ قال " كان الله قبل كل شيء ، وكان عرشه على الماء ، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء " قال فأتاني آت فقال يا عمران انحلت ناقتك من عقالها ، قال فخرجت في إثرها ، فلا أدري ما كان بعدي ، وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة ، فمنها قالوا جئناك نسألك عن أول هذا الأمر ، فقال " كان الله ولم يكن شيء قبله - وفي رواية غيره ، وفي رواية ، معه - وكان عرشه على الماء ، وكتب في الذكر كل شيء ، ثم خلق السموات والأرض " وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ، وكان عرشه على الماء " وقال البخاري في تفسير هذه الآية حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " قال الله عز وجل أنفق أنفق عليك " وقال " يد الله ملأى لا يغيضها نفقة ، سحاء الليل والنهار " وقال " أفرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض ؟ فإنه لم يغض ما في يمينه ، وكان عرشه على الماء ، وبيده الميزان يخفض ويرفع " وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين ، واسمه لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي ، قال قلت يارسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه ؟ قال " كان في عماء ما تحته هواء ، وما فوقه هواء ، ثم خلق العرش بعد ذلك " وقد رواه الترمذي في التفسير وابن ماجه في السنن من حديث يزيد بن هارون به ، وقال الترمذي هذا حديث حسن ، وقال مجاهد { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } قبل أن يخلق شيئاً ، وكذا قال وهب بن منبه وضمرة وقتادة وابن جرير وغير واحد ، وقال قتادة في قوله { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السموات والأرض ، وقال الربيع بن أنس { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } فلما خلق السموات والأرض ، قسم ذلك الماء قسمين ، فجعل نصفاً تحت العرش ، وهو البحر المسجور . وقال ابن عباس إنما سمي العرش عرشاً لارتفاعه ، وقال إسماعيل بن أبي خالد سمعت سعداً الطائي يقول العرش ياقوتة حمراء ، وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } فكان كما وصف نفسه تعالى ، إذ ليس إلا الماء ، وعليه العرش ، وعلى العرش ذو الجلال والإكرام ، والعزة والسلطان ، والملك والقدرة ، والحلم والعلم ، والرحمة والنعمة ، الفعال لما يريد ، وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال سئل ابن عباس عن قول الله { وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى ٱلْمَآءِ } على أي شيء كان الماء ؟ قال على متن الريح ، وقوله تعالى { لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } أي خلق السموات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، ولم يخلق ذلك عبثاً كقوله { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَـٰطِلاً ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } ص 27 وقال تعالى { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ فَتَعَـٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْكَرِيمِ } المؤمنون 115 - 116 وقال تعالى { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } الذاريات 56 الآية وقوله { لِّيَبْلُوَكُمْ } أي ليختبركم { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ولم يقل أكثر عملاً ، بل أحسن عملاً ، ولا يكون العمل حسناً حتى يكون خالصاً لله عز وجل على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمتى فقد العمل واحداً من هذين الشرطين ، حبط وبطل . وقوله { وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ ٱلْمَوْتِ } الآية ، يقول تعالى ولئن أخبرت يا محمد هؤلاء المشركين أن الله سيبعثهم بعد مماتهم كما بدأهم ، مع أنهم يعلمون أن الله تعالى هو الذي خلق السموات والأرض كما قال تعالى { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } الزخرف 78 { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ } العنكبوت 61 وهم مع هذا ينكرون البعث والمعاد يوم القيامة الذي هو بالنسبة إلى القدرة أهون من البداءة كما قال تعالى { وَهُوَ ٱلَّذِى يَبْدَأُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } الروم 27 وقال تعالى { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَٰحِدَةٍ } لقمان 28 وقولهم { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } أي يقولون كفراً وعناداً ما نصدقك على وقوع البعث ، وما يذكر ذلك إلا من سحرته ، فهو يتبعك على ما تقول ، وقوله { وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } الآية . يقول تعالى ولئن أخرنا العذاب والمؤاخذة عن هؤلاء المشركين إلى أجل معدود ، وأمد محصور ، وأوعدناهم إلى مدة مضروبة ، ليقولن تكذيباً واستعجالاً ما يحبسه ؟ أي يؤخر هذا العذاب عنا فإن سجاياهم قد ألفت التكذيب والشك ، فلم يبق لهم محيص عنه ، ولا محيد . والأمة تستعمل في القرآن والسنة في معان متعددة ، فيراد بها الأمد كقوله في هذه الآية { إِلَىٰ أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ } ، وقوله في يوسف { وَقَالَ ٱلَّذِى نَجَا مِنْهُمَا وَٱدَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ } يوسف 45 وتستعمل في الإمام المقتدى به كقوله { إِنَّ إِبْرَٰهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَـٰنِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } النحل 120 وتستعمل في الملة والدين كقوله إخباراً عن المشركين أنهم قالوا { إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَـٰرِهِم مُّقْتَدُونَ } الزخرف 23 وتستعمل في الجماعة كقوله { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ } القصص 23 وقوله { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِى كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجْتَنِبُواْ ٱلْطَّـٰغُوتَ } النحل 36 وقال تعالى { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولٌ فَإِذَا جَآءَ رَسُولُهُمْ قُضِىَ بَيْنَهُمْ بِٱلْقِسْطِ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } يونس 47 والمراد من الأمة ههنا الذين يبعث فيهم الرسول مؤمنهم وكافرهم كما في صحيح مسلم " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ، ثم لا يؤمن بي ، إلا دخل النار " وأما أمة الأتباع ، فهم المصدقون للرسل كما قال تعالى { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } آل عمران 110 وفي الصحيح " فأقول أمتي أمتي " وتستعمل الأمة في الفرقة والطائفة كقوله تعالى { وَمِن قَوْمِ مُوسَىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِٱلْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ } الأعراف 159 وكقوله { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَـٰبِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } آل عمران 113 الآية .